ليز كوة- مستشارة مالية
إذا كانت ثمة كلمة يجب أن تُلغَى من قاموسك المالي فهي كلمة «ادخار«. فهذه الكلمة قد تعيقك عن الحصول على أفضل النتائج المالية.
ماذا يعني لك الادخار؟ بالنسبة لأغلب البشر، فإن الادخار عكس الإنفاق، أي أن المال الذي لم يُنفَق هو مالٌ مُدخَر. وفي الحقيقة، تلعب طريقة التفكير دوراً حاسماً في الأمور المالية. لذلك قد يولد الاعتقاد بأن تعريف الادخار هو «عدم الإنفاق» فكرة أن الادخار يعني الحرمان. والحقيقة أن الادخار هو العكس تماماً.
إن المال المدخر لا يزال مالاً مصروفاً؛ لكن الفرق أنه سيُصرَف في المستقبل وحسب. لذلك فالاحتفاظ ببعض المال جانباً يسمح لك بإنفاق المزيد من المال في المستقبل على أشياء أهم بالنسبة إليك. لذا يجب أن تحل عبارة «إنفاق قدر أكبر لاحقاً» محل كلمة «الادخار».
يولد ذلك طريقة تفكير مختلفة كلياً. فلك أن تتخيل قدر الحماسة التي قد تشعلها مقارنة الإنفاق الآن، بإنفاق قدر أكبر لاحقاً!
قد يبدو هذا أحد التفاصيل العادية؛ لكن اختيار طريقة التعبير الصحيحة قد تطلق طريقة مختلفة في السلوك. في الطعام، على سبيل المثال، تتسم عبارة «اختيار الأطعمة الصحية» بإيجابية أكبر من كلمة «نظام غذائي»، فهي تدل على التغيير طويل الأمد في عادات الأكل بهدف تحسين صحتك، بدلاً من أن تدل على مجرد تناول كمية أقل من الطعام.
الأمر نفسه مع المال. فالنتائج المالية العظيمة هي نتاج للاختيارات المالية الصحية. يمكنك اختيار ما تأكل ويمكنك أيضاً اختيار ما تنفق مالك فيه، ومتى تنفقه.
وعلى المدى البعيد، هناك عواقب مختلفة باختلاف الاختيارات التي تتخذها.
إن اختيارك لعدم إنفاق أي شيء، بدلاً من الإنفاق في وقتٍ لاحق هو ما يؤدي إلى التوفير المفرط وفقدان متعة الحياة. من ناحية أخرى، يؤدي اختيارك لإنفاق كل شيء الآن، بدلاً من إنفاقه في وقت لاحق إلى زيادة هشاشتك المالية على المدى البعيد. وبين هذا وذاك، يوجد التوازن الصحيح، أي: اتخاذ قرارات مالية صحية تتيح الاستمتاع بالحياة والأمن طويل الأمد.
تحتاج الأموال المعدة للإنفاق في وقت لاحق إلى الاحتفاظ بها في مكان ما يمكن الوصول إليها فيه عند الحاجة، مع توفير عائد مالي جيد. لذلك، يحدد اختيارك للمكان الذي تحتفظ فيه بمالك بشكل رئيسي، الإطار الزمني الذي تنوي إنفاقه فيه.
يحتاج المال الذي ستأتي الحاجة لإنفاقه في المستقبل القريب لأن تكون القدرة على الوصول إليه كبيرة، ويحتاج لئلا تكون قيمته عرضة للتغير. بمعنى أن يكون ضمن استثمار بفائدة ثابتة -كالودائع البنكية، مقابل العقارات والأسهم. وإن كنت مقيداً برهنٍ عقاري، يجب أن تحتفظ بالمال الذي ستنفقه لاحقاً في حساب مقاصة، والذي يسمح بمقاصة الرصيد مع فائدة الرهن العقاري المتغيرة؛ لتحافظ على معدل فائدة منخفضاً.
من الأفضل أن تقتطع مبلغ الإنفاق لاحقاً قبل أن تنفق ما ستنفقه الآن. ويسهل فعل ذلك باستخدام التحويل التلقائي. وبهذه الطريقة، يمكنك اتخاذ قرار استباقي بالفصل بين ما ستنفقه الآن وما ستنفقه في وقتٍ لاحقاً، بدلاً من اتخاذ ذلك القرار بناءً على ما تبقى (إن تبقى شيءٌ من الأساس) في النهاية.
على المدى الطويل، يعد أفضل استخدام للمبلغ المعد للإنفاق لاحقاً هو تسديد الديون في المقام الأول، ويشمل ذلك تسديد الرهن العقاري. فكلما سددت ديونك أسرع، قلت الفائدة المفروضة عليك، وحظيت بمبلغ إضافي يمكنك إنفاقه (الآن أو لاحقاً).
يمكن أيضاً استخدام صندوق KIWISAVER للاحتفاظ بمبلغ للإنفاق لاحقاً؛ لكنه لن يكون بشكل عام متاحاً قبل أن تشتري منزلاً أو تصل إلى سن التقاعد. ويمكنك الادخار في KIWISAVER عن طريق إرسال الدفعات بشكل مباشر إلى حسابك باستخدام رصيدك المباشر لدعم مساهمات أجرك ومن صاب عملك. وما دمت لم تقترب من أن تكون قادراً على الوصول إلى مالك، فمن الأفضل أن تضع مبلغاً من المال المعد للإنفاق لاحقاً في صندوق متنوع الأنشطة لا يحبسه عنك.
يكافئك الاحتفاظ بمبلغٍ للإنفاق في وقتٍ لاحق بروعة العوائد المركبة. ولذلك لا نُعرِّف الادخار بأنه مجرد الإنفاق لاحقاً؛ وإنما إنفاق المزيد لاحقاً. وهو يجبرك أيضاً على تبني خيارات مالية صحية؛ لأن المال الموضوع جانباً هو مال كنت لتنفقه على أشياء ليست ضرورية لاستمتاعك بالحياة.
إن إدارة الأوقات التي تنفق فيها أموالك وما ستنفقها فيها هي أحد الجوانب الرئيسية للقدرة المالية. وسيساعدك تطوير عقلية إنفاق المزيد لاحقاً على اتخاذ القرارات الصائبة.
– هذا الموضوع مترجم عن موقعstuff النيوزيلندي.