قالت ثلاثة مصادر مطلعة على سياسة السعودية في مجال الطاقة، إن المملكة هددت ببيع النفط بعملات أخرى غير الدولار إذا أقرت واشنطن قانونا يجعل الدول الأعضاء في منظمة "أوبك" عرضة لدعاوى قضائية لمكافحة الاحتكار.
وأضافت المصادر لـ"رويترز" أن "خيار التخلي عن الدولار جرت مناقشته داخليا بواسطة عدد من كبار المسؤولين السعوديين في مجال الطاقة في الشهور الأخيرة".
"ترامب لا يمكن التنبؤ بقراراته"
AHMED JADALLAH
يقول الخبير الاقتصادي قصي جاموس، مدير مؤسسة "بوليشماركس" للاستشارات الاقتصادية لوكالة "سبوتنيك" عن القانون إنه ضغط سياسي وليس لأمر اقتصادي، مضيفا: هو نوع من الرد السياسي، لأن موضوع نوبك استجد اليوم، بالإضافة إلى عامل السياسات الأمريكية غير المتوقعة، خصوصا أن ترامب لا يمكن التنبؤ بقراراته".
ويتابع الخبير قصي: ومن ناحية استغناء السعودية أو أي من دول "أوبك" عن الدولار، هذا الحديث ليس جديدا، بل حصل قبل ذلك عند الأزمة المالية العالمية، بسبب انخفاض قيمة الدولار آنذاك، والصين أيضا كانت ترغب خلال العامين الماضيين بالتخلي عن الدولار في تجارة البترول تحديدا، وأنشأت سوقا للعقود الآجلة مقومة باليوان الصيني، لكن اليوان نفسه ظل مرتبطا بالدولار.
لكن…ماذا يعني "نوبك"؟
قانون معاقبة التجمعات المنتجة والمصدِرة للنفط أو "نوبك" هو مشروع قانون طُرح في الكونغرس لأول مرة عام 2000، ومرات أخرى في عامي 2007 و2008، بصيغ مختلفة، لكنه لم ير النور حتى الآن.
يستهدف مشروع القانون تغيير قانون مكافحة الاحتكار الأمريكي ليسمح بمقاضاة منتجي "أوبك" بتهمة التواطؤ، وسيجعل تقييد إنتاج النفط أو الغاز أو تحديد أسعارهما مخالفا للقانون ويزيل الحصانة السيادية التي تقضي المحاكم الأمريكية بوجودها بموجب القانون الحالي، بحسب "رويترز".
طُرح "نوبك" في الكونغرس نحو 16 مرة منذ مطلع القرن الـ21، دون أن ينجح في أن يرى النور. ومن المفارقات أن الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما، عندما كان نائبا في الكونغرس صوت بالموافقة على مشروع القانون، لكنه عارضه بشدة عندما أصبح رئيسا، وهدد باستخدام الفيتو في حالة التصويت عليه بالموافقة.
© REUTERS / MURAD SEZER
خبراء: اعتماد السعودية عملة غير الدولار بما يتوافق مع مصالحها العليا... والرياض لن تسمح بالابتزاز
كانت معارضة الإدارات الأمريكية منذ جورج بوش لذلك القانون لأسباب سياسية تتعلق بالمصالح الأمريكية حول العالم، خصوصا أن "أوبك" تقودها السعودية، وهي أكبر منتِج للنفط في العالم، ولها استثمارات ضخمة تمثل قوة كبيرة للاقتصاد الأمريكي، ومثل هذا القانون سيؤدي إلى فقدان تلك الاستثمارات ليس فقط في مجالات الطاقة.
فرص تمرير "نوبك"
فرص الموافقة على القانون هذه المرة في الكونغرس تبدو كبيرة، في ضوء تزايد الشعور العام بالاستياء من الرياض والغضب من رد فعل ترامب على مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي، إضافة إلى فوز الديمقراطيين في انتخابات التجديد النصفي أواخر 2018، بحسب "سي إن إن".
وفي تلك الحالة سيكون قرار تفعيل القانون على مكتب ترامب، ولا أحد يمكنه التكهن بما سيفعله، وإن كانت المؤشرات تؤكد أنه سيستخدم حق الفيتو، لكن ذلك ليس مؤكداً مع شخصية حادة التقلبات كالرئيس الحالي.
لكن بحسب تقرير "رويترز" الذي ذكر التهديدات السعودية، فإن احتمالات دخول "نوبك" حيز التنفيذ تعد ضئيلة.