بعد 4 سنوات من سماح السعودية للأجانب بدخول سوق الأوراق المالية الخاصة بها، لن يكون أمام العديد من المستثمرين الأجانب خيارات كثيرة. وسبب هذا أنَّ شركةMSCI، وهي شركة لمؤشرات الأسهم العالمية مقرها بالولايات المتحدة، على وشك تصنيف المملكة بوصفها سوقاً ناشئة، وهو ما يعني أنَّ بعض الصناديق العالمية سوف تضطر إلى تعديل المحافظ لتشمل الأسهم السعودية.
لكنَّ السوق السعودية التي تعتبر أكبر الأسواق العربية تأتي بمحاذير، بما في ذلك تقديرات مرتفعة، واقتصاد يحتضر، وحضور صناديق تمويل مؤثرة ذات علاقات بالحكومة، إضافة إلى قدر كبير من المخاطر الجيوسياسية. لكنها تشتمل أيضاً على فرصة محتملة، بحسب صحيفة The Washington Post الأمريكية.
سوف تضيف MSCI المملكة إلى مؤشر MSCI للأسواق الناشئة على خطوتين. ستحدد MSCI الدفعة الأولى من الأسهم السعودية التي ستضاف يوم 13 مايو/أيار الجاري والدفعة الثانية في 8 أغسطس/آب المقبل.
هذا أمر بالغ الأهمية، لأنَّ حوالي 1.8 مليار دولار من الأصول قد جرى مراجعتها للإدراج في مؤشر MSCI للأسواق الناشئة اعتباراً من شهر يونيو/حزيران 2018.
وتقدر شركة أرقام كابيتال بأن المرحلة الأولى وحدها يمكن أن تؤدي إلى تدفقات من صناديق الاستثمار الخاملة بنحو 7.1 مليار دولار، مع بلوغ وزن السوق السعودية 1.46٪ على مؤشر الأسواق الناشئة.
ويتوقع محمد الحاج، الخبير الاستراتيجي للأسهم ببنك EFG-Hermes، تدفقات بنحو 12 مليار دولار بالإضافة إلى 5 مليارات أخرى من إدراج السعودية على مزود المؤشرات البريطاني المعادل فوتسي راسل، في شهر مارس/آذار 2018.
إنَّه مهم للغاية، إذ سمحت الجهات الرقابية والبورصة للمرة الأولى لما يسمى بالمستثمرين الاعتباريين الأجانب المؤهلين بالتعامل عام 2015 ومنذ ذلك الحين خففت من القواعد لجذب المزيد منهم مع تحقيق بنجاح محدود، بالإضافة إلى تلبية المتطلبات الضرورية للحصول على ترقيات من مزودي المؤشرات الرئيسيين.
كل ذلك جزء من خطة سعودية شاملة لتنويع الاقتصاد بعيداً عن النفط وتطبيق إصلاحات اجتماعية، يقودها ولي العهد محمد بن سلمان.
تتخطى القيمة السوقية للأسهم السعودية، البالغة حوالي 560 مليار دولار اعتباراً من 8 مايو/أيار، سوق الأسهم السنغافورية أو الهولندية.
ويتكون المؤشر «تاسي» (تداول)، وهو مؤشر الأسهم الرئيسي، من 191 عضواَ وتشكل أسهم الشركات المالية والسلعية حوالي ثلاثة أرباع المؤشر.
وتمثل شركتان، هما مصرف الراجحي والشركة السعودية للصناعات الأساسية (سابك)، حوالي الربع. وفور الإدماج الكامل للسعودية في مؤشر MSCI للأسواق الناشئة، سوف يكون لها تمثيل أكبر من دول مثل تايلاند أو ماليزيا أو بولندا أو تركيا أو كولومبيا.
كانت حصة الأجانب من السوق عشية تغيير MSCI حوالي 5.7٪، وهي نسبة منخفضة نسبياً بالنسبة للأسواق الناشئة. ولم يكن الأجانب مشترين صافين للأسهم في الرياض كل أسبوع العام الجاري، تحسباً لإدراج MSCI.
ويتم هذا على الرغم من حقيقة أنَّ الأسهم السعودية تُتداول على مستويات مرتفعة للغاية عند مقارنتها بالتقييمات التاريخية والدول النامية الأخرى.
وعلق بعض المحللين بالقول إنَّ «المستثمرين الأفراد» فقط هم من يقومون بالشراء، ويمكن لهذا الحماس أن يزيد لو أنَّ جوهرة تاج البلاد، شركة النفط السعودية العملاقة أرامكو، أعادت خطط الطرح العام الأولي.
توقفت عملية الاكتتاب. كانت الخطة الأصلية للمملكة، التي أُعلن عنها عام 2016، تقضي ببيع ما يصل إلى 5٪ من أسهم أرامكو، إما في البورصة السعودية وواحدة أو اثنتين من البورصات الأجنبية، أو في البورصة المحلية فحسب.
تأخرت الخطة، لكنَّ رئيس مجلس إدارة أرامكو، خالد الفالح، قال في شهر أبريل/نيسان إنَّ الاكتتاب، الذي يُحتمل أن يكون الأكبر في التاريخ، قد يحدث قبل عام 2021.
وأكد رئيس البورصة أيضاً أنَّ البورصة تستعد للاكتتاب العام. وشاركت أرامكو نتائجها المالية للمرة الأولى في شهر أبريل/نيسان، قبل أول إصدار للسندات مباشرة، والذي جمع 12 مليار دولار وجذب عروضاً بأكثر من 100 مليار دولار.
وكشف هذا عن أنَّ أرامكو هي الشركة الأكبر ربحية في العالم.
تُعتبر مخاطر السوق السعودية سياسية إلى حد كبير. فالأجانب باعوا الأسهم بعد مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي في قنصلية بلاده في إسطنبول في شهر أكتوبر/تشرين الأول (بعد حوالي 4 شهور من إعلان MSCI عن رفع تصنيف السعودية للسوق الناشئة).
وزادت صناديق الاستثمار المرتبطة بالحكومة من عمليات شراء الأسهم لدعم السوق، ما يؤكد على نفوذها. واندهش المستثمرون الأجانب أيضاً عندما طبق ولي العهد ما سماه حملة مكافحة الفساد واحتجز عشرات الوزراء والمليارديرات والمديرين التنفيذيين لشهور.
ومن بين المخاوف الجيوسياسية أيضاً حرب السعودية في اليمن والتوترات مع منافستها اللدودة إيران والحصار المضروب على جارتها قطر والمستمر منذ عامين حتى الآن.
يرى بعض المستثمرين أنَّ السعودية قد أصبحت أكبر من أن يجري تجاهلها، مع تمثيلها في مؤشرات تديرها MSCI ومزودين مؤشرات آخرين مثل فوتسي راسل وS&P Dow إس آند بي داو جونز، وهو ما يرفع مكانة الشرق الأوسط في مجتمع الاستثمار العالمي.
وتتوقع البورصة السعودية إطلاق عقود اشتقاقية العام الجاري وثمة 4 اكتتابات أخرى طور الإعداد.
وبالإضافة إلى ذلك، فبعد أن أدى انخفاض أسعار النفط إلى تقليص تمويل برامج دعم كثيرة، فإنَّ الاقتصاد السعودي يُظهر علامات على التعافي.