هشام المحيا- المشاهد
في الوقت الذي تضرر فيه الاقتصاد اليمني، إلى حد كبير من مغادرة الشركات الأجنبية الاستثمارية ك اليمن، تواصل رؤوس الأموال اليمنية الاستثمارية (شركات أو أفراداً) الهروب للاستثمار خارج اليمن.
وغادرت قرابة 70% من الاستثمارات المحلية، إلى عدد من البلدان، وفي مقدمتها مصر التي هيأت البيئة الاستثمارية المناسبة، ووفرت للمستثمرين تسهيلات وضمانات كبيرة، لتصل استثمارات اليمنيين فيها إلى أكثر من 12 مليار دولار، وفقاً لما نقلته مصادر إعلامية محلية عن رئيس مؤسسة يمن كابيتال للتنمية والبحوث، الدكتور منير حسن سيف.
وتجاوزت خسائر الاقتصاد اليمني بفعل الحرب 110 مليارات دولار، فضلاً عن الخسائر التي تكبدها بسبب مغادرة الشركات الأجنبية، وهروب الاستثمارات المحلية وأصحاب رؤوس الأموال من البلد، بحسب الخبير الاقتصادي أحمد شماخ، مشيراً إلى مغادرة نحو 35 شركة نفطية، وتوقف العديد من المصالح والمراكز الاستثمارية والوكالات التجارية الأجنبية.
هروب الأموال.. ضياع أم حفاظ عليه؟
غياب الاستقرار السياسي والاقتصادي والأمني في اليمن، شح العملات الصعبة، وصعوبة التحويلات المالية بسبب القيود التي فرضها التحالف العربي، عاملان رئيسيان لهجرة رؤوس الأموال للاستثمار خارج اليمن، حتى لا تتعرض أموالهم للضياع.
وزيادة نمو الاستثمارات اليمنية في مصر، ناتجة عن وجود الكثير من التسهيلات والضمانات التي تجعلهم يشعرون بالاطمئنان على مشاريعهم وأموالهم.
ويرى خبراء اقتصاديون أن هجرة المال اليمني تشكل خطورة كبيرة على الاقتصاد الوطني على المستوى القريب والمتوسط والبعيد، في ظل استمرار الصراع، وعدم وجود أي أفق واضح لحل قريب، وتراجع الاستثمار وحجم الإنتاج القومي، ويسهم في ارتفاع الأسعار، الأمر الذي سيصيب الاقتصاد الوطني بمقتل.
لكن آخرين يرون أن هروب المال اليمني إلى الخارج، يعد وضعاً طبيعياً، بل إيجابياً، كونه سيحافظ على تلك الأموال من الضياع في بلد لا توجد فيه الدولة القوية القادرة على حماية المصالح والممتلكات.
الخبير الاقتصادي الدكتور علي العسلي، أوضح في تصريح لـ”المشاهد” أن هروب رأس المال اليمني إلى الخارج، يعد أمراً طبيعياً في ظل الظروف الحالية التي يمر بها البلد، مؤكداً في الوقت ذاته على أن هروبه هذا يعد عاملاً مهماً، ليحافظ على ديمومته.
وطالما المال اليمني مستمر في الخارج، فهو جزء من الاقتصاد اليمني، وسيعود عند استتباب الأمن واستقرار البلاد، وتوفر بيئة استثمارية جيدة، بحسب الدكتور العسلي.
ماتزال الاستثمارات اليمنية في الخارج طي الكتمان، باستثناء الاستثمارات التي هاجرت إلى مصر، وكشفتها مؤخراً تسريبات لوسائل إعلام محلية، وأكدها لـ”المشاهد” مصدر في الحكومة (طلب عدم الكشف عن هويته لأنه غير مخول بالتصريح للإعلام).
وأضاف المصدر أن استثمارات اليمنيين بمصر شهدت خلال السنوات الأربع الماضية، نمواً كبيراً، وشملت قطاعات عديدة، منها الصناعات الغذائية والمشروبات، والصناعات البلاستيكية، وقطاع العقارات، وامتدت مؤخراً إلى الاستثمار في قطاعات البترول والحفارات، موضحاً أن بعض الشركات اليمنية باتت من كبريات الشركات في مصر والشرق الأوسط، خصوصاً شركات صناعة الأواني الزجاجية، وصناعة السمن والصابون، والألمنيوم، ومصانع كبيرة لصناعة الكرتون ومصانع الملابس الجاهزة.
والاستثمارات العقارية للشركات اليمنية أو للأفراد في ازدياد مستمر في مصر، بحسب المصدر، مشيراً إلى أن اليمنيين باتوا يمتلكون أكثر من ربع مليون شقة سكنية ووحدة عقارية، وفي مناطق متفرقة من مصر، الكثير منها تم شراؤها خلال السنوات الـ5 الماضية.
وفي سياق متصل، أكد أيمن سامي، مدير شركة «جي إل إل» للاستثمارات والاستشارات العقارية في مصر، لصحيفة “الشرق الأوسط”، أنه تم إنشاء 40 ألف وحدة سكنية في القاهرة وحدها، وهو رقم لم يتكرر في مصر، حيث كان المعدل السنوي 15 ألف وحدة سكنية، وهو ما تربطه مصادر يمنية بحجم الاستثمار اليمني في العقارات بمصر.
حاولت الحكومة اليمنية بالعاصمة المؤقتة عدن، أن تقنع الشركات الاستثمارية الأجنبية في اليمن بالعودة، لكنها فشلت في ذلك، باستثناء شركات قليلة جداً، لكن يبقى بمقدورها الحفاظ على الاستثمارات المحلية التي لم تغادر بعد، وعدم المغادرة منها، من خلال تطبيع الأوضاع الأمنية في المحافظات التي تقع تحت سيطرتها، وتوفير المناخ الاستثماري، وتقديم التسهيلات للمستثمرين، وإزالة أي عراقيل تقف أمامهم.
هل ستنجح الحكومة في اقناع المستثمرين بجدوي العودة والاسثتمار في اليمن، أم سيستمر رأس المال اليمني بالهروب إلى الخارج؟
سؤال يتردد بين المستثمرين، ولم يجد إجابة حقيقية على أرض الواقع حتى الآن.