أثارت واقعة سيطرة الحرس الثوري الإيراني على ناقلة النفط البريطانية في مضيق هرمز التساؤلات عن مكانة وقدرة المملكة المتحدة على حماية سفنها في المنطقة التي كانت تخضع للتاج البريطاني قبل نصف قرن.
وبرهن إخفاق لندن في منع احتجاز ناقلة النفط التي كانت ترفع علم بريطانيا في مضيق هرمز على مدى التدهور الذي حلّ بالبحرية البريطانية التي كانت قوةً جبارةً في يوم من الأيام.
وللبحرية البريطانية فرقاطة وأربع كاسحات ألغام تبحر في مياه الخليج. ويقول توبياس إلوود، وزير الدفاع، إنها أصبحت أصغر كثيراً من أن تتمكن من إنجاز دورها العالمي.
وفي يوم من الأيام كانت بريطانيا تمتلك أقوى سلاح بحرية في العالم. غير أن حجم الأسطول تراجع بسرعة في العقود الأخيرة لأسباب على رأسها خفض الإنفاق.
وفيما يلي نظرة على حجم البحرية البريطانية:
تنفق بريطانيا على الدفاع أكثر مما تنفقه فرنسا أو ألمانيا أو إيطاليا أو إسبانيا أو أي دولة أخرى من أعضاء الاتحاد الأوروبي. والمشكلة أن جانباً كبيراً من هذا الإنفاق ينصبّ على تجديد البرنامج النووي وعلى حاملتي طائرات جديدتين كبّدتا بريطانيا كلفة باهظة، الأمر الذي يجعل القوات التقليدية مثل البحرية تفتقر إلى السفن.
– لبريطانيا فرقاطة واحدة هي الفرقاطة مونتروز وأربع كاسحات ألغام تؤدي مهامها في منطقة الخليج.
وفي أي يوم عادي تمر عبر الخليج ما بين 15 و30 سفينة كبيرة ترفع العلم البريطاني، ويمر ثلاثة منها عبر مضيق هرمز.
وتتجه فرقاطة ثانية هي السفينة كنت، والمدمرة دنكان صوب المنطقة لتحلّان محل السفينة مونتروز.
ولا تملك بريطانيا الموارد البحرية في المنطقة التي تمكّنها من مرافقة كل السفن التجارية التي ترفع العلم البريطاني عبر مضيق هرمز.
– لدى البحرية البريطانية في الوقت الحالي 77 سفينة عاملة، من بينها 6 مدمرات، و13 فرقاطة، و10 غواصات. والباقي كاسحات ألغام وسفن متخصصة في عمليات المسح وسفن دعم أخرى.
وللمقارنة كانت البحرية تملك 138 سفينة و33 غواصة في 1990. ولذا فقد خفَّضت البحرية على مدار العقود الثلاثة الأخيرة عدد الغواصات والفرقاطات والمدمرات بأكثر من النصف وفقاً لبيانات وزارة الدفاع.
وفي العادة تكون نصف هذه السفن تقريباً في عمليات صيانة دورية أو أعمال تدريب.
وتُكلف عدة سفن أخرى بأعمال دورية دائمة محدودة، ولا يتبقى سوى عدد يُعد على أصابع اليد الواحدة لحالات الطوارئ.
– تملك البحرية في الوقت الحالي حاملة طائرات واحدة. ومن المقرر أن يبدأ تشغيل حاملة طائرات ثانية في العام المقبل. لكنهما أصغر حجماً بكثير من حاملات الطائرات الأمريكية وأصغر قليلاً من الحاملات الروسية والصينية.
وقد تسبب حدوث تسرُّب على حاملة الطائرات هذا الشهر في عودتها إلى قاعدتها قبل الموعد المقرر لذلك.
– انخفض عدد أفراد القوات البحرية الملكية بوتيرة أسرع من انخفاض عدد السفن. فقد كان عدد البحارة 39 ألفاً في البحرية عام 2000، وأصبح الآن يزيد قليلاً على 30 ألفاً.
وتقول وزارة الدفاع إن عدد أفراد البحرية كان 861 ألف بحار في 1945 نهاية الحرب العالمية الثانية، وانخفض إلى 128 ألفاً في 1955، ثم إلى 62 ألفاً في 1991.
وتزامن ذلك مع تخفيضات في ميزانية الدفاع التي تراجعت مما يزيد على 4% من الناتج الاقتصادي في 1990 إلى حوالي 2% الآن.
– تتعرض البحرية البريطانية المتقلصة لضغوط شديدة، إذ تواجه تحدي حماية مياهها الإقليمية في الوقت الذي تجابه فيه مهام كثيرة في أنحاء أخرى من العالم.
– اعتباراً من منتصف القرن الثامن عشر كانت البحرية الملكية أقوى أساطيل العالم. ولعبت دوراً رئيسياً في إقامة الإمبراطورية البريطانية. وخلال الحرب العالمية الثانية سبقت الولايات المتحدة بريطانيا في السيادة البحرية.
ولأن بريطانيا دولة على جزيرة فقد لعبت هيبة البحرية دوراً هاماً في هويتها الوطنية. وساعدت البحرية بريطانيا في أن تصبح «سيدة البحار».
– في يوم نزول قوات الحلفاء على سواحل فرنسا في 1944 استطاعت بريطانيا إرسال أكثر من 900 سفينة بريطانية عبر القنال الإنجليزي لحراسة قوات الحلفاء الزاحفة لتحرير أوروبا من ألمانيا النازية.
غير أن بريطانيا بدأت في تقليص حجم بحريتها تدريجياً بعد كلفة تمويل حربين عالميتين والتخلي عن دورها الإمبراطوري.