هجوم الرئيس البرازيلي جايير بولسونارو على نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون واتهامه «بالعقلية الاستعمارية» على خلفية رغبة الأخير في مناقشة حرائق غابات الأمازون خلال اجتماعات قمة الثمانية هذا الأسبوع يلقي الضوء على واحد من أسباب الاحتباس الحراري، فما قصة تلك الغابات التي توصف بأنها رئة الكرة الأرضية؟
ماذا حدث؟
وجّه بولسونارو اتهاماً لماكرون بانتهاج «عقلية استعمارية»، وذلك على خلفية دعوة ماكرون مناقشة حرائق غابات الأمازون خلال قمة السبع الكبرى التي تنعقد في باريس الأحد 25 أغسطس/آب.
وأوضح بولسونارو في تغريدة على «تويتر» أن ماكرون يستغل حرائق الأمازون لتحقيق أهداف شخصية.
وقال: «آسف أن الرئيس ماكرون يسعى لاستغلال الشؤون الداخلية للبرازيل والدول المجاورة لصالح أهدافه الشخصية.. اقتراح الرئيس الفرنسي مناقشة هذه المسألة (حرائق الأمازون) في قمة (G7) دون مشاركة البرازيل ودول المنطقة يذكرنا بالعقلية الاستعمارية، التي لا مكان لها في القرن الواحد والعشرين».
بيتنا يحترق فعلياً؟
كان ماكرون أعلن مساء الخميس 22 أغسطس/آب أنّ الحرائق في غابات الأمازون تمثّل «أزمة دولية»، ودعا إلى مناقشة «هذه المسألة الملحة» بين أعضاء مجموعة السبع خلال القمة.
وكتب الرئيس الفرنسي في تغريدة «بيتنا يحترق، فعلياً. غابات الأمازون المطرية، الرئة التي تنتج 20٪ من الأكسجين على كوكبنا تحترق».
وأضاف «إنها أزمة دولية وأتوجه إلى أعضاء مجموعة السبع، دعونا نناقش هذه القضية الطارئة الملحة بعد يومين».
من الذي أشعل الحرائق في الغابات؟
تشهد غابات الأمازون حرائق منذ 3 أسابيع، وبحسب صور الأقمار الصناعية ومعطيات معهد الفضاء البرازيلي، فإن المساحة التي أتت عليها النيران تفوق المساحات التي التهمتها النيران العام الماضي بنسبة 82%.
اتسعت رقعة حرائق غابات الأمازون التي تسمى «رئة الأرض» بصورة كبيرة حتى ظهرت أعمدة الدخان الناجمة عنها في صور التقطت من الفضاء.
أما عن أسباب تلك الحرائق، فعلى الأرجح تعتبر الأنشطة البشرية المسبب الأول لحرائق الغابات حول العالم، حيث الإهمال هو المتسبب الأكبر، فقد ينسى أحدهم إخماد النار جيداً بعد ليلة من التخييم، أو يرمي بأعقاب السجائر المشتعلة دون التأكد من إطفائها، كما أن الأعطال التي قد تحدث في خطوط الكهرباء القريبة من الغابة قد تؤدي إلى نشوب حرائق هناك.
كما أن الحرائق تحدث في الغابات بشكل طبيعي إذا ما توفرت ثلاثة عناصر طبيعية تسمى «مثلث النار» هي: الحرارة، الوقود، والأكسجين، وتحدث معظم الحرائق الطبيعية في فصل الصيف، حيث تشجع درجات الحرارة المرتفعة على انتشار الحرائق، وتشكل الأعشاب اليابسة والأوراق الجافة وقوداً ممتازاً لاندلاع الحرائق، أما الرياح فتؤمن الأكسجين اللازم لإضرام الحريق.
مصنع الأكسجين
تقع غابات الأمازون في البرازيل وتعتبر الرئة التي تتنفس الأرض من خلالها فهي الغابة البكر في القارة الأمريكية، وتتعرض مؤخراً إلى ما يراه علماء البيئة اعتداء سافراً، حيث يجري تجريف وقطع جائر لأشجارها ونباتاتها لتحويلها إلى طرق سريعة ومدن سكنية.
ويقول علماء من البرازيل والولايات المتحدة إن الاجتثاث الذي تتعرض له غابات الامازون أكبر مما كان متصوراً بحوالي 60٪، وطفت المشكلة على السطح مؤخراً بعد أن أنجز فريق من العلماء دراسة باستعمال تقنيات أكثر تطوراً من سابقاتها تعتمد على صور الاقمار الصناعية، مما مكنه من التقاط أنشطة بشرية لم يكن رصدها ممكناً من قبل.
وتنتج تلك الغابات نحو خمس كميات الأكسجين على سطح الكرة الأرضية، والخطر يزداد مع ثاني أكسيد الكربون الذي ينتج عن الحرائق هناك مما يضاعف من خطورة المشكلة.
أما عن سبب هجوم بولسونارو على ماكرون ورفض الأول تدويل مشكلة حرائق الغابات يرجع بالأساس إلى طبيعة وسياسات رئيس البرازيل الملقب «ترامب البرازيل» فهو يميني شعبوي يتبنى خطاباً قومياً ولا يريد تدخلات خارجية، إلا إذا كانت من جانب صديقه ترامب بالطبع.