ترجمة: عربي بوست
خلال الشهرين الماضيين تصدرت أخبار هروب الأمير هيا بنت الحسين، زوجة حاكم دبي محمد بن راشد، عناوين وسائل الإعلام، مما أثار الانتباه عن الجانب الآخر في شخصية نائب الرئيس الإماراتي الذي كان شخصية قوية وملهمة قبل أن تتضرر سمعته بسبب هروب 3 من نسائه، هن ابنتاه شمسة ولطيفة وزوجته شقيقة ملك الأردن.
موقع Business Insider الأمريكي سلط الضوء على حياة حاكم دبي التي بدأت في 15 يوليو/تموز 1949 بمولده ومرت بمراحل هامة إلى أن وصلت إلى هذا الحد.
وبحسب الموقع الأمريكي في عام 1971، شهد محمد بن راشد آل مكتوم -عندما كان عمره 22 عاماً ولم يكن قد أصبح حاكماً بعد حينها- عودة السيادة إلى دبي بانتهاء الحكم البريطاني.
بعد مرور 48 عاماً، أصبح محمد بن راشد أقوى رجل في الإمارات. فهو يشغل حالياً منصب نائب رئيس الإمارات، ورئيس وزراء الإمارات، وهو أيضاً حاكم دبي، واحدة من أكثر المدن المزدهرة والمتقدمة في العالم.
لكن السلوك الشخصي للشيخ محمد أثار علامات استفهام بعد هروب ابنته الأميرة لطيفة في مارس/آذار 2018، ثم زوجته السادسة الأميرة هيا في يونيو/حزيران 2019، وقبلها ابنته شمسة عام 2000.
إليك كيف حول الشيخ محمد دبي من قرية صيد إلى ملعب خلفي لأثرياء العالم، ولماذا هربت ثلاث نساء من بيته بطريقةٍ درامية؟
ولد الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم في 15 يوليو/تموز 1949، وهو الابن الثالث للشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم، حاكم دبي في الفترة من 1958 وحتى وفاته في 1990، وأمه هي الشيخة لطيفة بنت حمدان آل نهيان، ابنة الشيخ حمدان الحاكم السابق لإمارة أبوظبي.
تعلم محمد بن راشد في دبي، حيث كان يدرس في مدرسة الأحمدية حتى سن العاشرة، ثم انتقل بعدها إلى مدرسة الشعب. وأنهى تعليمه الثانوي في مدرسة دبي الثانوية.
كان الشيخ محمد يعشق الخيول منذ طفولته -وهو شغفٌ لا يزال لديه حتى يومنا هذا- وكان يتسابق مع أصدقائه ممتطين خيولاً دون سرج على رمال شاطئ جميرا في دبي.
في عام 1966، مثلما فعل معظم حكام الخليج المستقبليين، قضى الشيخ محمد بعض الوقت يتلقى تعليماً بريطانياً. إذ كان يدرس في مدرسة بيل التعليمية في مدينة كامبردج عندما كان عمره 17 عاماً.
في سيرته الذاتية التي تحمل اسم «قصتي» يتذكر حاكم دبي أنه لم يكن يمتلك أموالاً تقريباً عندما كان يعيش في كامبريدج.
إذ كتب: «اعتدت أن آكل دجاجاً مرةً واحدةً فقط في الأسبوع وعدم تناول وجبات الغداء في بعض الأحيان لشراء القهوة لأصدقائي أو، الأهم من هذا، لشراء تذاكر قطار كي أتمكن من مشاهدة سباقات الخيول التي أحبها».
غادر محمد بن راشد كامبردج وأكمل تدريبه العسكري في مدرسة Mons Officer Cadet School في مدينة ألدرشوت. ونجح في الحصول على سيف الشرف، وهي جائزةٌ تُمنح لأفضل طالب أجنبي.
بعدها بوقتٍ قصير، سافر إلى إيطاليا للتدرب على الطيران. وفي سيرته الذاتية، قال عن تدريبه: «تعهدت لنفسي بعدم العودة إلى دبي قبل أن أصبح قادراً جسمانياً، وذهنياً، وعسكرياً على تحمل كل شيء».
لكنه قطع تدريبه العسكري عندما استدعاه والده وجعله رئيس شرطة دبي في نوفمبر/تشرين الثاني 1968.
كتب محمد في «قصتي»: «قال والدي: لدينا اجتماعٌ مهم الآن. عندها عدت إلى البلاد على متن أول طائرة في اليوم التالي».
لم تكن الإمارات التي نعرفها حالياً موجودةً خلال السنوات المبكرة من حياة بن راشد في ستينيات القرن الماضي، إذ كانت منطقةً تخضع للحماية البريطانية ومكونةً من سبع مشايخ وتحمل اسم «إمارات الساحل المتصالح».
تخلى البريطانيون عن سيطرتهم على المنطقة في عام 1971 بعد مرور 150 عاماً. وتأسست الإمارات في الثاني من ديسمبر/كانون الأول عام 1971. وترقى محمد بن راشد، الذي كان يبلغ عمره حينها 22 عاماً، ليشغل منصب وزير الدفاع.
في عام 1979، تزوج محمد من زوجته الأولى، الشيخة هند بنت آل مكتوم، وأنجب منها 12 طفلاً. رزق الشيخ محمد بـ23 طفلاً من زوجاته الست. والشيخة هند هي أيضاً ابنة خال الشيخ محمد. وسيرث واحدٌ من أبنائهما الستة العرش. وحمدان بن محمد آل مكتوم، الذي ولد عام 1982، هو ولي العهد الحالي لإمارة دبي.
في سبعينيات القرن الماضي، كانت جميع الإمارات المستقلة حديثاً حريصةً على تحديث نفسها في أسرع وقتٍ ممكن باستخدام الأموال المتولدة من الحقول الغنية بالنفط.
في أكتوبر/تشرين الأول 1990، توفي راشد بن سعيد آل مكتوم، والد الشيخ محمد، عن عمرٍ يناهز الـ 78.
وكان خليفته في العرش هو أخو الشيخ محمد، الشيخ مكتوم.
بدأت دبي في السير بخطوات ثابتة نحو التقدم عندما عين الشيخ مكتوم أخاه محمد ولياً للعهد في يناير/كانون الثاني 1995.
جلب محمد بن راشد حبه لسباق الخيول إلى دبي بأن أطلق مسابقة كأس دبي العالمي في 1996. ويعقد السباق في مضمار ميدان بجائزةٍ تبلغ 12 مليون دولار، وهي أعلى جائزةً في العالم لهذا النوع من السباقات.
في عام 2000، أُلقي القبض على الشيخة شمسة، إحدى بنات الشيخ محمد التي فرت من بيته في الريف البريطاني، وأُعيدت قسراً إلى دبي. وكانت شمسة أولى الأميرات الثلاث اللاتي هربن بعد ذلك من عائلة الشيخ محمد.
في أبريل/نيسان 2004، تزوجت الأميرة هيا -الأخت غير الشقيقة للعاهل الأردني الملك عبدالله الثاني والتي كان يبلغ عمرها حينها 24 عاماً- من الشيخ محمد الذي كان يبلغ عمره حينها 55 عاماً.
كانت الأميرة هيا لاعبة محترفة رياضة قفز الحواجز بالخيول ومثلت الأردن في أولمبياد سيدني عام 2000.
وكتب موقعها الرسمي عنها: «كانت الرياضة جزءاً رئيسياً في حياة الأميرة هيا منذ طفولتها. ولأنها اختبرت قوة الرياضة شخصياً، فهي لا تدخر جهداً لمنح الآخرين، وخاصةً الأطفال، تجربةً مماثلة».
كانت الأميرة هيا «الزوجة الثانوية» للشيخ محمد. وقد رزقا بابن وهو زايد (7 أعوام)، وابنة وهي الجليلة (11 عاماً).
استقبل الزوجان الجليلة في 2 ديسمبر/كانون الأول 2007، ثم زايد في 7 يناير/كانون الثاني 2012.
تزوج الشيخ محمد من أربع زوجات أخريات، على الأقل، قبل الأميرة هيا، لكن لا يُعرف عنهن الكثير من المعلومات. وأسماؤهن هي: الشيخة رندا بنت محمد البنا، الشيخة دليلة العلى، اليونانية زوي غريغورياكوس، الشيخة حورية بنت أحمد المعاش.
في يناير/كانون الثاني 2006، توفي الشيخ مكتوم، أخو محمد وحاكم دبي، جراء أزمة قلبية وأصبح محمد حاكم دبي.
في اليوم التالي، انتخب المجلس الوطني الاتحادي للإمارات محمد بن راشد نائباً للرئيس. وأصبحت دبي مركزاً مالياً للشرق الأوسط تحت حكم الشيخ محمد.
رغم أن انطلاقة دبي اعتمدت في البداية على الإيرادات المتولدة من احتياطات النفط والغاز، لا يشكل قطاع النفط سوى 5% من إجمالي إيرادات الإمارة حالياً.
في أبريل/نيسان 2006، كتب محمد بن راشد أول كتبه الذي يحمل اسم «رؤيتي: التحديات في سباق التميُّز» وروى قصة ازدهار دبي.
استُكمِلَت مشروعات دبي المتميزة مثل جزر النخيل، وبرج الخليفة، وفندق برج العرب.
وبرج الخليفة، الذي يبلغ طوله 2717 قدماً (828 متراً)، هو أطول برج في العالم.
في عام 2015، توفي الشيخ راشد، الابن الأكبر للشيخ محمد، جراء أزمة قلبية.
لكن سمعة الشيخ محمد أصابها الضرر عندما هربت ابنته الأميرة لطيفة في مارس/آذار 2018، مشيرةً إلى تعرضها لانتهاكات على يد والدها.
وفي مقطع فيديو سجلته قبل هروبها، ادعت الشيخة لطيفة أنها تعرضت للسجن لعدة سنوات وتعرضت لانتهاكات.
اعتلت لطيفة متن يخت يحمل العلم الأمريكي بمساعدة مدرب الفنون القتالية الخاص بها وجاسوس فرنسي سابق وأبحرت حتى ولاية غوا في الهند قبل أن تلقي القوات الخاصة الإماراتية القبض عليها وتُعيدها إلى بلدها.
احتلت قصتها عناوين الصحف، لكن الشيخ محمد ادعى أن الجاسوس السابق هيرفي جوبيرت أخذ لطيفة وكان يخطط لخطفها والمطالبة بفدية. ولم يسمع عنها خبر منذ ذلك الحين.
في يونيو/حزيران 2019، فرت الأميرة هيا من دبي إلى لندن، وتفيد التقارير بأنها هربت بعد أن علمت القصة الحقيقية لفرار الأميرة لطيفة. وقال الشيخ محمد للأميرة هيا إن الأميرة لطيفة اُختطفت بغرض ابتزازه من قبل الجاسوس الفرنسي السابق هيرفي جوبيرت، وفقاً لتقاريرٍ.
في واقع الأمر، تطوع جوبيرت لمساعدة الأميرة لطيفة حسبما أوضح وثائقي شبكة BBC عن هروبها.
وقالت مصادر لـ BBC إن الأميرة هيا علمت «حقائق مقلقة» عن محاولة هروب الشيخة لطيفة، جعلتها لا تشعر بالأمان لوجودها مع زوجها.
رفعت الأميرة هيا قضية في المحكمة العليا البريطانية للمطالبة بحق الوصاية القانونية على طفليها بينما تمكث في بيتها، الذي تبلغ قيمته 107 ملايين دولار في حي كنسينغتون في لندن.
وقال متحدث باسم حكومة الإمارات لموقع Business Insider: «لا تعتزم حكومة الإمارات التعليق على ادعاءات تتعلق بالحياة الخاصة للأفراد».
في 30 يوليو/تموز 2019، بدأت المحكمة البريطانية العليا تنظر في إجراءات الوصاية بين الزوجين المتخاصمين.
ومحمد بن راشد عاشق للشعر النبطي، ويكتب أشعاراً خاصة به وتنشر على موقعٍ مخصص لأشعاره. واستخدم إحدى قصائده لازدراء الأميرة هيا بعد هروبها.
ونشر حاكم دبي على موقعه الرسمي قصيدةً يُعتقد أنها عن الأميرة هيا وجاء فيها: «آه يا حبيبتي، لا يوجد المزيد لقوله. صمتك المميت مزقني».
وتقول قصيدةٌ أخرى: «لا يوجد لك مكان معي بعد الآن. لم أعد أهتم إذا عشت أو مت».
في 2018، أطلق محمد على عام 2019 «عام التسامح» في الإمارات، لكن عدداً من الحوادث السلبية، مثل هروب الأميرة هيا، شوّه مسعاه هذا.
ومن بين اللحظات الأخرى المحرجة عندما أشار مؤتمر صحفي عالمي إلى أن دبي عقدت مسابقة «للتوازن النوعي بين الجنسين» في يناير/كانون الثاني، حيث كان كل الفائزين رجالاً.
ويقود محمد دبي حالياً صوب «رؤية 2021» -وهي خطةٌ صاغها في 2010 لزيادة ثروات دبي أكثر.
وتركز الخطة على «تعزيز الابتكار، إشراك الشباب، تطوير رأس المال البشري، الاستثمار في التعليم والبحث العلمي، تأسيس حوكمة جيدة في القطاع الحكومي الإماراتي، وتشجيع نمو الاقتصاد القائم على المعرفة».