في نهاية الأسبوع الماضي توافد الآلاف من المسلمين الأمريكيين في مدينة هيوستن بولاية تكساس لحضور مؤتمر الجمعية الإسلامية لأمريكا الشمالية (ISNA)، الذي ينعقد سنوياً على مدار ثلاثة أيام. وخلال انعقاد مؤتمر هذا العام، ظهر العديد من الشخصيات المعروفة التي حظيت بتأييد كبير وواسع، مثل السناتور اليهودي المرشح لرئاسة أمريكا بيرني ساندرز.
تقرير لشبكة سي إن إن الأمريكية أشار إلى أن المؤتمر شارك فيه العديد من الشخصيات المعروفة مثل تريفور نوح، الذي شارك قصته مع الحضور عن نشأته في جنوب إفريقيا ومَزح بشأن كبوات وانتصارات الحياة في برنامج «The Daily Show» .
تحدّث إلى الحشود الغفيرة مشاهير من المسلمين الأمريكيين، كان من بينهم النائبة عن الحزب الديمقراطي رشيدة طليب، وليندا صرصور التي تُنظم مسيرة ضخمة مناوئة لترامب، ومع ذلك، كان الشخص الأكثر شعبية هو رجل يهودي يبلغ من العمر 77 عاماً وقد ولد وترعرع في بروكلين، بالطبع إنه السناتور بيرني ساندرز، المرشح الرئاسي لانتخابات عام 2020. وفي حين أن رشيدة وليندا جذبتا انتباه الكثيرين، ملأ مُستمعو ساندرز المكان الذي ضمّ قرابة 7000 شخصٍ صفّقوا لحديثه.
وتحدّث كذلك زميله المرشّح في انتخابات الرئاسة لعام 2020، الديمقراطي جوليان كاسترو، وكان هذا جزءاً من أول منتدى رئاسي ينعقد ضمن إطار مؤتمر الجمعية الإسلامية، حيث تسعى الجالية المسلمة إلى الانخراط في السياسة على جميع المستويات.
وقد تلقى كاسترو، وهو كاثوليكي، استقبالاً حافلاً من الجمهور، وخاصة عندما قال إن «الأمريكيين المسلمين على مدى أجيال كانوا جزءاً من نسيج عائلتنا الأمريكية، وقد ساعدوا في جعل أمريكا تلك الأمّة العظيمة التي هي عليها، ونحن بحاجة للاحتفاء بذلك بالكامل» .
لكن زخم تلك الليلة كان حقّاً من نصيب ساندرز، أو «العم بيرني»، كما يشير العديد من المسلمين بحبٍّ إلى السناتور التي ترجع أصوله إلى ولاية فيرمونت. والسبب في ذلك بسيط، وهو أن ساندرز قد عمل بجدٍ لكسب دعم المجتمع المسلم؛ حيث بدأ ذلك خلال الانتخابات الرئاسية لعام 2016 عندما كان خَصماً لهيلاري كلينتون، وكان الكثيرون في المجتمع الإسلامي متوجّسين من كلينتون، نظراً لتأييدها لحرب العراق. وعلى النقيض، عارض ساندرز الحرب، وهي حقيقة ذَكّر بها الحضورَ يوم السبت، وهو ما قوبل بتصفيق حاد.
وخلال الحملة الانتخابية لعام 2016، أولى ساندرز اهتماماً بالغاً بالدفاع عن مجتمع المسلمين ومعارضة الأكاذيب البغيضة التي يرددها دونالد ترامب عنهم. وعلى سبيل المثال، في ديسمبر/كانون الأوّل 2015، عندما سرد ترامب حكاية زائفة مفادها أن المسلمين في نيوجيرسي ابتهجوا بهجمات 11 سبتمبر/أيلول، انتقد ساندرز ترامب ووصفه بأنه يعاني من «الكذب المَرَضي» .
وفعل ساندرز كذلك شيئاً لم يَرِد من الكثير من السياسيين الرئيسيين، وهو التحدّث عن الفلسطينيين كبشرٍ، فقد قال للحضور في مناظرة مع كلينتون، في أبريل/نيسان 2016، إنه إذا أردنا تحقيق السلام في الشرق الأوسط «سيتعيَّن علينا التعامل مع الشعب الفلسطيني باحترام وكرامة» .
وليس من المستغرب أن تخرج الجالية المسلمة بأعداد غفيرةدعماً لساندرز في الانتخابات التمهيدية للحزب الديمقراطي بولاية ميشيغان لعام 2016، وهي ولاية تضم عدداً كبيراً من المسلمين، وكان لهم الفضل في فوزه على كلينتون آنذاك.
ومنذ عام 2016، لطالما كان ساندرز صريحاً كذلك في القضايا التي خلفت آثارها على الجالية المسلمة، بما في ذلك قرار حظر السفر الذي فرضه ترامب، ووصفه ساندرز بأنه «محاولة عنصرية ومعادية للإسلام تهدف إلى تقسيمنا» . وفي اللقاء الذي انعقد يوم السبت 31 أغسطس/آب 2019، جدَّد ساندرز التزامه بإلغاء هذا الإجراء في حالة انتخابه كرئيس للبلاد، وأضاف قائلاً: «يجب أن نتحدث علانية عن جرائم الكراهية والعنف الموجّه ضد المجتمع المسلم ونُسمّيه باسمه الحقيقي، وهو الإرهاب المحلّي»، وهو ما قوبل بتصفيق حاد للمرشح الرئاسي لعام 2020.
تقرير سي إن إن اعتبر احتفاء الجالية المسلمة الحماسي بالمرشّح ساندرز بمثابة نقد واضح للهجمات الخسيسة التي شنّها ترامب على النائبتين عن الحزب الديمقراطي في الكونغرس الأمريكي رشيدة طليب وإلهان عمر، اللتين اتهمهما الرئيس مؤخراً بكراهية «كل اليهود» لأنهما تشككا في أحقّية بعض سياسات الحكومة الإسرائيلية، فيما تنكر إلهان ورشيدة على حدٍّ سواء أي اتهامات بمعاداة السامية، وعبر العديد من المسلمين الذين تحدثت إليهم شبكة CNN الأمريكية في لقاء مؤتمر الجمعية الإسلامية عن قلقهم من أن هدف ترامب الحقيقي وراء مهاجمة عضوتي الكونغرس هو تقسيم المسلمين واليهود. لكن الحب الذي أظهره هذا الحشد المسلم لساندرز كان بمثابة رفض ملهم لجهود ترامب.
وخلال المحادثات التي أجراها فريق CNN خلال الأيام القليلة الماضية مع مجموعة كبيرة من الحاضرين في مؤتمر الجمعية الإسلامية لأمريكا الشمالية بشأن المرشّح الذي يدعمونه في انتخابات عام 2020، كان اسم ساندرز يتردد بشكل مستمر، وإن لم يكن هو الاسم الوحيد، حيث أبدى أيضاً الكثيرون اهتماماً بالسيناتور الديمقراطية إليزابيث وارين، وأبدى عدد قليل دعمهم لنائب الرئيس السابق جو بايدن، وكان الجميع ممتنين للغاية لحضور جوليان كاسترو.
ولكن ليس هناك من ينكر أن الجمهور كانوا متآلفين مع سياسي يهودي متمرّد من بروكلين بذل جهوداً مكثّفة للقاء أعضاء المجتمع المسلم والاستماع إليهم، وكان في طليعة المدافعين عن حقوقهم.
لعلّ المرشحين الآخرين في انتخابات عام 2020 يستفيدون من فِعله.