يشهد العالم انخفاضا شديدا في أسعار النفط منذ بداية العام الجاري، على خلفية إخفاق روسيا و"أوبك" في التوصل لاتفاق جديد بشأن تخفيض الإنتاج.
ورفضت موسكو دعم تخفيضات جديدة أعمق، وردت الرياض بفتح باب الضخ في السوق على مصراعيه وتعهدت بإيصاله إلى كميات قياسية.
وتطبق السعودية خفضا كبيرا على أسعار البيع الرسمية لنفطها. وقال متعاملون إنه يجري عرض الخامين العربي الخفيف والمتوسط بسعر بين 25 و28 دولارا للبرميل.
وقالت مصادر في شركات نفط وتكرير كبرى تعالج الخام في أوروبا، لوكالة "رويترز" إن شركة النفط الوطنية السعودية "أرامكو" أبلغتهم أنها ستورد جميع الكميات الإضافية المطلوبة في أبريل/ نيسان القادم.
أدى هذا الإجراء إلى إغراق السوق العالمية بالنفط، وارتفاع العرض مقابل الطلب، ما يعني زيادة في انخفاض الأسعار، الذي سيشكل فرصة ربحية أو اقتصادية للدول غير المصدرة للنفط، أو التي لا تملك مخزونا نفطيا على أراضيها، وهذه بعض الدول العربية التي يمكن أن تستفيد اقتصاديا من الوضع الحالي.
أول الدول العربية التي رصدت هذه الفرصة الاقتصادية هي تونس، فقد أعلن رئيس الحكومة التونسية، إلياس الفخفاخ، الأربعاء الماضي، أن تونس تستورد ما يفوق 50% من احتياجاتها النفطية، معتبرا أن انخفاض سعر برميل النفط سيؤدي إلى التخفيض من كلفة استيراد المواد النفطية.
يعتبر لبنان من الدول المستودرة للمشتقات النفطية، وأعلنت الحكومة اللبنانية العام الماضي دخول لبنان سوق استيراد المشتقات النفطية وشراء حوالي 10% من احتياجات لبنان.
وبالرغم من إعلان لبنان الخطوات الأولى للتنقيب في حقول نفطية وغازية في البحر المتوسط، إلا أن الوصول إلى مرحلة الإنتاج يحتاج لوقت طويل، لذلك يمثل انخفاض أسعار النفط فرصة اقتصادية للبنان في الوقت الحالي.
يعد الأردن من الدول المستوردة للنفط أيضا، وبلغت كميات النفط المستوردة من العراق نحو 545 ألف برميل تم تفريغها في مصفاة البترول الأردنية، وفق ما أعلنت وزارة الطاقة والثروة المعدنية في نوفمبر/ تشرين الثاني عام 2019.
ومن المحتمل أن الانخفاض في أسعار النفط العالمية سيوفر على الحكومة الأردنية الكثير من الأموال التي يجب أن تدفع بالقطع الأجنبي لتلبية احتياجات السوق الداخلية.
هدد ارتفاع سعر الخام في عام 2019 الاقتصاد المغربي، بسبب ارتفاع فاتورة الطاقة في البلاد، التي تعتبر غير منتجة للنفط، بالرغم من وجود الكثير من الدراسات التي تتحدث عن وجود مخزون نفطي غير مستثمر في البلاد.
ويستورد المغرب جميع احتياجاته من منتجات الطاقة، إذ وصلت فاتورة مشتريات هذه المنتجات في عام 2017 إلى 7 مليارات دولار، وارتفعت الفاتورة حوالي 18.3 في المائة عام 2018، كي تستقر في حدود 8.4 مليارات دولار، حسب بيانات رسمية عام 2019. وهذا الانخفاض في أسعار النفط العالمية، سيوفر على الخزينة العامة الملايين من الدولارات، التي يمكن أن تستثمر في قطاعات أخرى.
بالرغم من وجود مخزون نفطي كبير في سوريا، إلا أن وجود الكثير من الآبار النفطية في شمال شرقي البلاد، تحت سيطرة القوات الأمريكية بطريقة غير شرعية، وخروج بعض الآبار عن الخدمة، جعل منها مستوردة لبعض المشتقات النفطية، كالبنزين والمازوت، ومن المؤكد أن ازدياد العرض في السوق العالمية على المشتقات النفطية، ستستفيد منه الحكومة السورية، بالرغم من تطبيق حصار اقتصادي جائر على البلاد.
وأعلن وزير الطاقة الروسي، ألكسندر نوفاك، الجمعة أن بلاده قد تستأنف إنتاج النفط الذي كان مخفضا وفقا لاتفاق "أوبك+"، بمقدار 200 ألف برميل في اليوم.
ومن المتوقع حدوث استجابة مشتركة للوضع في سوق النفط، إذا لزم الأمر لذلك قد يعود التحالف في المستقبل إلى تنظيم مستوى الإنتاج. وقال الوزير أيضا، إنه من المقرر عقد اجتماعات "أوبك+" القادمة في الفترة من مايو/ أيار إلى يونيو/ حزيران عام 2020.