تسمر عبدالله الضلعي أمام التلفاز، وهو يسمع إعلان ظهور أول إصابة بفيروس كورونا في اليمن، وتمنى أن يكون الخبر إشاعة كما حدث مراراً في السابق، لكن المتحدث باسم اللجنة العليا لمواجهة كورونا الدكتور علي الوليدي، قطع الشك باليقين، وأكد ثبوت الحالة، لتتوارد الأفكار والهواجس عن تفاصيل حياته في الأيام القادمة، وكيف سيتعايش مع الوباء؟
استمر الضلعي طوال اليوم يتابع أخبار الوباء، وهو مستغرق بالتفكير بتجهيز غرفة عزل صحي داخل شقته، وتوفير المسكنات ومخفضات الحرارة، وشراء المواد الغذائية الكافية، وكيف سيشتري المتطلبات اليومية؟ ولم ينسَ القات الذي ربما يكون من الصعوبة الحصول عليه.
وضجت مواقع التواصل الاجتماعي، فور الإعلان عن الإصابة الأولى بالفيروس.
وانقسمت آراء الناشطين في تلك المواقع بين منتقد للمصاب، وبين مشفق عليه، إذ لا ذنب له بما حدث له.
وكتب الكثيرون منهم أن اليمن كانت محظوظة طوال فترة تفشي الفيروس في دول العالم، داعين إلى اتخاذ إجراءات احترازية أكثر من ذي قبل، حتى لا ينتشر الوباء في البلد المنهك بالحرب.
يوم إعلان ظهور الفيروس، كان فاصلاً بين مرحلة الأمان الهش الذي كان يعيشه، ومرحلة أكثر حذراً وخوفاً بالنسبة للضلعي الذي يقول لـ”المشاهد”: الجميع يعرف الوضع الصحي في اليمن، وكيف سيتحول الوباء إلى كارثة.
وأٌصيب الناس بالصدمة بعد تسجيل الحالة الأولى، وتأثر الكثير منهم نفسياً بالخبر، وبدأت عليه أعراض كورونا، كما حدث مع سامي البعداني، الموظف في إحدى المنظمات المدنية، والذي بدأ يشعر بالزكام والتهابات الحلق.
ويشكك البعداني بوجود حالة واحدة فقط في اليمن، قائلاً لـ”المشاهد”: “الحالة التي تم اكتشافها قد خالطت عشرات من الناس خلال العمل وفي وسائل المواصلات والأسواق والمنزل، وسيترتب عليها إصابات كثيرة، ربما البعض منها قد سافرت خارج محافظة حضرموت”.
تعاني مشافي اليمن من نقص حاد في أجهزة التنفس، فضلاً عن الوضع الصحي المتردي بعد التدمير الكلي والجزئي لـ50% من المنشآت الصحية، بفعل الحرب التي يقودها التحالف العربي بقيادة السعودية، منذ 26 مارس 2015.
وتعاني مشافي اليمن من نقص حاد في أجهزة التنفس، فضلاً عن الوضع الصحي المتردي بعد التدمير الكلي والجزئي لـ50% من المنشآت الصحية، بفعل الحرب التي يقودها التحالف العربي بقيادة السعودية، منذ 26 مارس 2015.
وأكد طه المتوكل، وزير الصحة في حكومة الحوثيين، أمام مجلس النواب التابع لجماعته، في 4 أبريل الماضي، أن أكثر من 2500 منشأة صحية مدمرة بشكل جزئي أو كلي، مشيراً إلى أن انتشار الفيروس في اليمن يعني إصابة أكثر من مليون يمني به، وفق توقعاته.
ظهرت العديد من الأعراض المفاجئة على البعض، بالتزامن مع تأكيد الحالة المصابة، في جلسة مقيل كان محمد الجلال مع زملائه، يناقشون المرض وتبعاته بقلق كبير، حتى بدأ الشك يتسرب إلى قلبه، ماذا لو كان أحد من الحاضرين يحمل الفيروس؟ وحاول مراراً أن يطرد هذه الأفكار من رأسه، والابتعاد عن القلق الذي سيثبط جهازه المناعي، وسيجعله فريسة سهلة للفيروس، كما قرأ في الدراسات الطبية.
وعلى الرغم من كل محاولاته للظهور متماسكاً، إلا أنه أحس بصعوبة بالتنفس بعد عودته إلى المنزل، وبوجود أمر غير طبيعي يضغط على صدره، لكنه تغلب على الحالة النفسية التي مر بها عقب خبر ظهور كورونا، كما يؤكد لـ”المشاهد”.
وطمأنت اللجنة العليا لمواجهة كورونا، أن الرجل المصاب الذي يعمل في ميناء الشحر، في حالة مستقرة، ويتلقى الرعاية الطبية اللازمة.
وأقرت السلطات المحلية بحضرموت إجراءات حضر تجوال ليلي في المحافظة، وإغلاق كافة منافذ مدينة الشحر ومينائها، وإلزام العاملين في الميناء بالحجر الصحي لمدة 14 يوماً، كما أغلقت المحافظات المجاورة منافذها مع حضرموت.
ومنذ اللحظة الأولى للإعلان عن الإصابة، غادر كثيرون من سكان المحافظات الأخرى، ممن كانوا يعملون هناك، ومنهم عبدالحكيم أحمد وشفيقه، اللذان تركا عملهما وغادرا إلى مدينة تعز، حيث يعيشان، وفق ما يقول، مضيفاً أن حالة الخوف دفعت الكثيرين لمغادرة حضرموت.
وعلقت منظمة الصحة العالمية بأنها تتابع إعلان وزارة الصحة اليمنية تسجيل أول حالة إصابة مؤكدة بكورونا، وأن الحالة حالياً تحت العزل والمعالجة، ويتم تتبع جميع المخالطين، ووضعهم في الحجر الصحي.
لكن منسقة الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في اليمن، ليز غراندي، عبرت عن قلقها لتسجيل أول إصابة بكورونا. وقالت، في بيان صحفي: “كورونا أكبر تهديد يواجه اليمن خلال الـ100 عام الأخيرة”.
وأضافت: “لقد حدث ما كنا نخشاه لأسابيع، وما يواجه اليمن مخيف، ومن المرجح أن يصاب بالعدوى عدد أكبر من أي مكان آخر، فبعد 5 سنوات من الحرب، أصبحت مناعة الناس في كافة أنحاء البلاد بأدنى مستوياتها”.
وأكدت غراندي، في وقت سابق، لوكالة “رويترز”، أنه إذا انتشر الفيروس فسوف تكون النتيجة “كارثية”، نظراً لأن الحالة الصحية لما لا يقل عن نصف السكان “متدهورة للغاية”، ولا يملك البلد إمدادات أو قدرات أو منشآت كافية للتعامل مع الوضع.
ويربط مراقبون ونشطاء بين إعلان التحالف العربي بقيادة السعودية، إيقاف عملياته العسكرية في اليمن، وبين ظهور الفيروس في اليمن، معتبرين أن إعلان التحالف ربما جاء بسبب ظهور حالات كثيرة كانت السلطات تتستر عليها. لكن سرعان ما تبددت هذه المخاوف بمرور يومين على اكتشاف الإصابة الأولى دون الإعلان عن حالات أخرى.
المصدر: المشاهد