تقرير: منال شرف
قبل عامين ونصف، كانت أولى محاولات الشاب اليمني محمد عبدالحميد (20 عاماً) لدخول موسوعة “غينيس” للأرقام القياسية؛ رغبة في تحقيق حلمه الطفولي.
وفي الـ15 من يناير الماضي، أخبره موظفو غينيس باعتمادهم رقماً قياسياً له؛ لموازنته 3 حبات بيض على سطح مستوٍ.
ويؤكد عبدالحميد أن الأمر لم يكن بالسهولة التي توقعها؛ فقد رفضت غينيس أولى محاولاته التي تمثلت بموازنة عدد من المسامير على بعضها؛ لعدم وجود شهود على ذلك، كما نبهته غينيس إلى ضرورة تصوير الحدث وردات فعل الشهود الحاضرين وشهاداتهم الثانوية، وشهادة من دكتور جامعي متخصص في الفيزياء، وغيرها من المتطلبات.
ويقول: “صحيح أن محاولتي الأولى مع غينيس فشلت، ولكنّي ظللت أحاول حتى وصلتني شهادة منهم، في 3/30، تفيد حصولي على الرقم، وهو ما أؤمن به تجاه مشاركتي في برنامج Arabs Got Telent أيضاً، فإن لم أكن قد قبلت في موسمه السادس، فأنا على ثقة أن التوفيق سيحالفني في المرات القادمة”.
ويذكر الشاب عبالحميد أن القيام بموازنة مختلف الأجسام على بعضها البعض، يتطلب نوعاً من الشعور العميق بها؛ إذ لا توجد قاعدة دقيقة لإيجاد وخلق الاتزان.
ويضيف: “الأمر، برمته، يقوم على التوزيع العادل للكتل، وذلك من خلال تحديد مركز ثقلها والوصول لما يشبه الحامل الثلاثي الذي بإمكانها أن تستند عليه”.
وعادة ما تأخذ الأجسام الصغيرة وقتاً أطول لموازنتها، بحسب عبدالحميد، فقد تمكن من موازنة كرسي على رِجل واحدة، وعليه شخص، في غضون 10 ثوانٍ، فيما احتاج لـ6 أشهر من أجل موازنة 5 بيضات على سطح مستوٍ.
ويجد عبدالحميد في تحدي الجاذبية وموازنة الأشياء، وسيلة لتحقيق راحته النفسية، والوصول إلى الاتزان والسلام الداخلي، وذلك بواسطة ما يكتسبه من مهارات حياتية هامة: كالتحكم بالأعصاب، والصبر، والتركيز الدقيق، والإصرار، إضافة إلى الإحساس بجماليات الأشياء، حوله، من خلال ما يصنعه من تشكيلات فنية إبداعية.
كانت المحاولة الأولى لعبدالحميد، مع هذا الفن، وهو في سن الـ6 من العمر، عندما قام بترتيب 3 أحجار بسيطة على بعضها لمجرد اللهو، وبعدما شاهد في التلفاز عروضاً فريدة من نوعها لفنانين عالميين، أدرك أن ما يقوم به ينتمي لفن موازنة الأجسام، وهو فن عالمي يعتمد على خداع الجاذبية والتحكم بالأعصاب، كما يقول. ويضيف: “فن التوازن يعد من أصعب وأندر الفنون حول العالم، وهناك 10 أشخاص، فقط، يحترفون هذا الفن. أما بالنسبة لي، فلقد حطمت أرقاماً قياسية عالمية من قبل، لكنّي لم أصنف عالمياً؛ نتيجة لما تمر به اليمن من أوضاع مأساوية”.
كانت المحاولة الأولى لعبدالحميد، مع هذا الفن، وهو في سن الـ6 من العمر، عندما قام بترتيب 3 أحجار بسيطة على بعضها لمجرد اللهو، وبعدما شاهد في التلفاز عروضاً فريدة من نوعها لفنانين عالميين.
ويؤكد عبدالحميد أنه استمر في صقل موهبته وتطوير أفكاره في هذا المجال، على الرغم من كل المُحبِطات، وتنوعت عروضه بين موازنة الأشياء الصغيرة كالقطع النقدية والمسامير، وموازنة الأشياء الثقيلة كالغسالات والصخور، وما بين الأشياء المتحركة كالبشر والأشياء القابلة للكسر كالبيض والزجاجيات، وغيرها من الأفكار التي ابتكرها؛ لصنع مزيداً من الإثارة والتشويق لدى المشاهد، مرة باستخدام عامل الوقت، ومرة أخرى باستخدام عامل الحجم، كما لجأ في مرات إضافية للقيام بعروضه وهو مغمض العينين.
واستخدم عبدالحميد، في البداية، حساباته على صفحات التواصل الاجتماعي، لنشر أعماله الموثقة من داخل المنزل، ثم تحول للعروض الحية، حيث شارك في العديد من الفعاليات التوديعية والاحتفائية في “تعز”، مقابل مبالغ زهيدة، قبل أن ينتقل للعيش في ماليزيا، العام الفائت.
تغلب عبدالحميد على كثير من العراقيل والصعوبات في طريقه، ابتداء بالرسائل السلبية الموجهة له، والتي ترى في الفن مضيعة للوقت، وصولاً لانتكاساته الخاصة، وقلة الدعم والتوجيه من قبل الجهات المعنية، إضافة للظروف العويصة التي خلفتها الحرب، حسب قوله. لكنه يؤكد على أهمية مواجهة الصعاب والمُحبِطات للمضي قدماً.
ويقول إن الأخطاء ساعدته على كشف أسرار هذا الفن، والتعلم الذاتي من تجاربه، مثمناً قدرات الإنسان الهائلة متى ما تحلى بالإرادة والإصرار، طالما سيبقى يناضل، دائماً، ليكون ضمن الـ10 المصنفين عالمياً، ورجل أعمال شهيراً.
ويختم بالقول: “بإمكان الفنون، على اختلافها، أن توحد المجتمعات الإنسانية، وتعالج الاختلافات بين ثقافاتها وشعوبها، فهي تحمل رسالة سامية تدعو للعيش في سلم ومحبة، والوقوف ضد الكراهية والحروب، الأمر الذي يوجب علينا التمسك الجيد بها، والحفاظ عليها”.