أعلنت اللجنة الوطنية العليا لمواجهة وباء كورونا عن تسجيل 9 إصابة مؤكدة بفيروس كورونا الجديد (كوفيد 19) في محافظتي عدن وحضرموت حتى 5 مايو الجاري، ما يرفع عد الحالات المؤكدة في اليمن، إلى 21 حالة، منذ الـ10 من أبريل الماضي.
ومع ظهور أول حالات كورونا، هرب الأطباء والكوادر الصحية، وأغلقت أكبر المستشفيات في عدن، ورفضت استقبال حالات الاشتباه، ولم تجدِ توجيهات النائب العام بالتحقيق معها، على الرغم من أن نقيب الأطباء وأمين عام المجلس الطبي الأعلى السابق، الدكتور عبدالرحمن الحمادي، يشكك بوفاة الحالات بالفيروس، ويتوقع انتشار فيروس آخر يتشابه مع كورونا بالأعراض.
الدكتور الحمادي أصيب بالدهشة عندما تواصل مع أطباء في عدن ليعرف تفاصيل عن الوباء، وأخبروه أن أقارب المصابين والمتوفين لم تظهر عليهم الأعراض. ويقول لـ”المشاهد” متسائلاً: “كيف تصاب حالة واحدة بحضرموت، و5 حالات بعدن، ولم تنتقل العدوى للدائرة القريبة منهم، أو على الأقل عائلتهم؟”، قبل أن يستدرك: “ما يحدث في اليمن محير جداً”. ويتابع: “المتوفون لم تثبت إصابتهم، ولم تجرَ لهم الفحوصات اللازمة”.
في العاصمة صنعاء اعلن وزير الصحة التابع لحكومة الحوثيين عن اصابة حالة مؤكدة بفيروس كورونا اليوم 5 مايو. لكن الشكوك، تحوم حول وجود إصابات أكثر بالفيروس دون أن يتم الإعلان عنها.
وعملت السلطات في صنعاء في وقت سابق على إغلاق بعض الأحياء السكنية، مثل السلام والشوكاني، بهدف التعقيم، الأمر الذي زاد الناس يقيناً أن هناك إصابات لم يعلن عنها.
طالب المتوكل، في رسالة وجهها مؤخراً إلى ليز غراندي، منسقة الشؤون الإنسانية في اليمن، بتوفير ما لا يقل عن 500 ألف فحص بصورة طارئة، و10 ملايين فحص كمرحلة ثانية، موضحاً أن الوزارة لم تستلم سوى 3400 فحص.
وظهر الدكتور طه المتوكل، وزير الصحة بصنعاء، واثقاً، وهو يتحدث أمام البرلمان، في 6 أبريل، عن استعدادات وتجهيزات كبيرة، إلا أنه أكد أنه خلال شهرين من وصول الوباء، سيحتاج مليون شخص إلى العناية في المستشفيات، فيما عدد الأسرّة في مستشفيات اليمن 1500 سرير، وتوقع وصول عدد الوفيات نصف مليون شخص، متجاوزاً تقديرات منظمة الصحة العالمية التي توقعت عدد وفيات لن يقل عن 70 ألف يمني.
وطالب المتوكل، في رسالة وجهها مؤخراً إلى ليز غراندي، منسقة الشؤون الإنسانية في اليمن، بتوفير ما لا يقل عن 500 ألف فحص بصورة طارئة، و10 ملايين فحص كمرحلة ثانية، موضحاً أن الوزارة لم تستلم سوى 3400 فحص.
لكن الدكتور فضل حراب، نقيب الصيادلة، ورئيس نقابات المهن الطبية، ينتقد طريقة وزارة الصحة في التعامل مع القضية، قائلاً: “يجب القيام بخطوات عملية، ولا تقف لتنتظر الدعم من الخارج، وتكتفي بإصدار البيانات. فجميع الدول مشغولة بمواطنيها، وهناك شحة في المستلزمات في جميع الدول”.
ويضيف حراب لـ”المشاهد”: “هناك نقص في الكمامات وأدوات النظافة والتعقيم في البلد، ولا تكفي لتغطية الاحتياجات، وأسعارها مرتفعة، وبعضها غير مطابقة للمواصفات، ونحتاج إلى ملايين من أجهزة الفحص وعمل فحوصات عشوائية في التجمعات والأحياء والأسواق وأماكن العمل.
“يصعب حالياً توفير الأجهزة التي يحتاجها من وصلت حالته إلى مرحلة حجرة، أو استيرادها، لكن يجب التركيز على الإجراءات السابقة لهذه المرحلة، وإنقاذ من تبدأ عليه أعراض المرض، وتوفير تجهيزات الوقاية والحجر وأدوية الحمى وغيرها”؛ ينبه الدكتور حراب، مشدداً على التدريب والتأهيل في عمليات الإسعاف والتعامل مع حالات الاشتباه التي لا تتم بطريقة صحيحة، وقد تعرض المسعفين والعاملين في المستشفيات للإصابة، علاوة على التوعية بطرق لبس الكمامات والقفازات حتى لا تتحول إلى ناقل للمرض.
ويتفق الحمادي مع حراب على ضرورة تنفيذ مزيد من إجراءات الحجر الصحي، وتشديد التدابير في الأماكن المزدحمة والأسواق، وتكثيف أعمال النظافة والتعقيم، وزيادة برامج التثقيف والتوعية التي تعد مهمة جداً في مواجهة الفيروس، ووضع قيود للسفر بين المحافظات.
وتسببت الحرب وانقطاع المرتبات بهجرة ما يزيد عن 20% من كبار الأطباء والاستشاريين من اليمن، لتضاعف من تدهور القطاع الصحي الذي يعجز عن تقديم 60% من الخدمات الصحية في الظروف العادية، فكيف بالوضع الراهن الذي عجزت الدول العظمى في التعامل معه، بحسب حراب.
ويرى الدكتور يوسف الحاضري، الناطق الرسمي باسم وزارة الصحة بصنعاء، أن دول الخليج استقطبت كبار الأطباء والاستشاريين وأغرتهم بالمال، كما غادر 90% من الكادر الأجنبي، وترك رحيلهم فراغاً كبيراً في قطاع الصحة.
لم تكترث وزارة الصحة في الحكومة، بغياب الكادر الطبي من قبل، لكن مع ظهور جائحة كورونا سعت لتعويض النقص بتدريب متطوعين وطلاب ودارسين في القطاعات الصحية وخريجين، وأعدت قوائم بالأسماء لاستدعائهم وقت الحاجة، بحسب قول الدكتور الحاضري لـ”المشاهد”.
وعلى الرغم من أهمية أعمال التدريب، إلا أنه لا يغطي الاحتياجات للكوادر المتخصصة، وحتى إن توفرت الأجهزة فلا يوجد سوى حوالي 14 مختصاً بالعناية المركزة، والبقية فنيون، بحسب الدكتور حراب، كما توضح إحصائية للمجلس الطبي الأعلى أن عدد استشاريي أمراض الجهاز التنفسي لا يتجاوز 10 أطباء.
واتجهت وزارة الصحة إلى القطاع الخاص ليكون أحد الحلول في مواجهة المرض، ووجهت المستشفيات بوضع الترتيبات لاستقبال الحالات في حال تفشى الوباء، لكن على الرغم من أن المستشفيات الخاصة تمتلك تجهيزات أفضل من الحكومية في كثير من النواحي، إلا أن تلقي الرعاية فيها لن يكون بمتناول المواطن البسيط، وستكون تكاليفه باهظة.
ويبرر الدكتور باسم العامري، مدير مستشفى يوني ماكس الدولي، ارتفاع التكاليف بارتفاع أسعار الأدوية والتجهيزات التي تتطلبها مثل هذه الحالات، على العكس من المستشفيات الحكومية كمستشفيي الكويت وزائد اللذين وفرت لهما المنظمات الدولية متطلبات العناية.
ويقول الدكتور العامري لـ”المشاهد”: القطاع الخاص لديه القدرة على التعامل مع المستجدات، وتم تدريب الكوادر على كيفية التعامل مع الحالات المصابة، بالإضافة إلى أنه أثبت قدرته في التعامل مع الأوبئة التي انتشرت خلال الشهور الماضية كإنفلونزا الخنازير وغيرها، ويقدم الرعاية لما يقارب 70% من المرضى في الأوقات الطبيعية.
ويتهم الدكتور حراب وزارة الصحة بالتقصير في التواصل مع الأطباء في الخارج، والتنسيق مع المنظمات الدولية لتوفير وسائل عودتهم، وضمان حصولهم على مرتباتهم، ومكافآت مالية مجزية لتأمين العيش لهم ولأسرهم، بالإضافة إلى ضمان عودتهم لأعمالهم بعد انتهاء الوباء، ويؤكد أنه تواصل مع الكثير من المهاجرين في الخارج، وأعلنوا استعدادهم للعودة وخدمة وطنهم في هذا الظرف.
ويعترف الدكتور الحاضري بعدم وجود قناة تواصل مع الأطباء اليمنيين المهاجرين، لكنه يوضح أن وزير الصحة قدم دعوات متكررة لعودتهم في أكثر من مناسبة، ويشير إلى أن الوزارة لا تستطيع تقديم رواتب أو مكافآت مالية، لكنها ستعاملهم كبقية الأطباء المتواجدين حالياً، وستضمهم إلى كشوفات الحوافز المقدمة من المنظمات الدولية.
عبرت الأمم المتحدة على لسان المتحدث باسم الأمين العام ستيفان دوجاريك، عن الشعور بقلق عميق من احتمال أن يطغى الفيروس بسرعة على النظام الصحي في اليمن.
وأشار دوجاريك، في مؤتمر صحفي، عقب إعلان الحكومة اليمنية عن 5 إصابات مؤكدة بالفيروس، إلى وجود تحذير من علماء الأوبئة أن المرض يمكن أن ينتشر في اليمن بشكل أسرع، وعلى نطاق أوسع، وبنتائج مميتة أكثر من العديد من البلدان الأخرى.
ولهذا يشدد حراب على أهمية التنسيق بين وزارتي الصحة، والبعد عن المكايدات وتسييس الوباء، فالفيروس لا يفرق بين الشمال والجنوب، ويعتبر أن المرض ليس جريمة ليتكتم عنه، فالدول التي تأخرت في الإعلان لأساب سياسية أو اقتصادية، تكبدت نتائج وخيمة، ولا يمكن تعريض ما يقارب 29 مليون شخص للخطر في ظل وضح صحي متدهور خرجت 50% من منشآته الطبية عن الخدمة بسبب الحرب الدائرة منذ العام 2014.
ويشير إلى المشاكل التي تواجه المواطن حالياً، والتي منها أن أسعار الخدمات الطبية في المستشفيات الحكومية أصبحت تنافس القطاع الخاص.
ويرى الدكتور الحمادي أن توفير الإجراءات الاحترازية ليس سهلاً على الناس، فكثير من الأحياء وسط أمانة العاصمة محرومة من المياه التي تعد العنصر الرئيسي لمواجهة كورونا، وعلى الدولة تحمل مسؤولياتها، وتوفير كافة التسهيلات والمستلزمات.
المصدر: المشاهد