تستضيف السعودية اليوم الثلاثاء 2 يونيو/حزيران الجاري، مؤتمر المانحين لليمن 2020م، بمشاركة الأمم المتحدة، لتسليط مزيد من الأضواء على الأزمة الإنسانية، وحشد الدعم المالي وتعهدات المانحين لتمويل الاستجابة الإنسانية والإغاثية التي تقودها وكالات أممية ومنظمات دولية في اليمن.
وهذه المرة الأولى التي يعقد فيها مؤتمر دولي لمانحي اليمن، افتراضياً (عبر الانترنت)، وذلك على خلفية جائحة كورونا التي تعصف بدول العالم، وبدأت فاشية الفيروس وانتشاره السريع والنشيط ينذر بمفاقمة الوضع الكارثي والأزمة الإنسانية التي لم يشهد لها العالم مثيل في الوقت المعاصر.
ويأتي هذا المؤتمر، في ظل استمرار القيود والعراقيل التي تفرضها المليشيات الحوثية على المنظمات الإنسانية والإغاثية في مناطق سيطرتها، والتي تهدد بإيقاف أكبر عملية إغاثية في العالم، إضافة إلى انتهاجها سياسة التضليل في التعامل مع جائحة كورونا.
وتصف الأمم المتحدة الأزمة الإنسانية في اليمن بأنها الأسوأ على الإطلاق في العالم، حيث تعصف المجاعة بأكثر من ثلثي سكان البلاد، جراء الحرب المستمرة منذ اجتياح الحوثيين للعاصمة صنعاء، إضافة إلى ما خلفه القتال من عشرات الآلاف من القتلى والجرحى والمعاقين وآلاف المؤسسات والمباني والمنشآت المعطلة أو المتوقفة أو المدمرة، فضلاً عن مخاطر جائحة كورونا التي يتواقع الخبراء أن تأثر على حياة نصف سكان البلاد (نحو 16 مليون نسمة).
وفي وقت مبكر، أطلقت السعودية ومنظمات الأمم المتحدة والحكومة اليمنية، عدة مناشدات ودعوات للدول المانحة للمشاركة في مؤتمر المانحين وتمويل البرامج الإغاثية والإنسانية المهددة بالتوقف، إضافة إلى دعم اليمن في مواجهة جائحة كورونا.
وقال الدكتور سامر الجطيلي، المتحدث الرسمي باسم مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية، أن أكثر من 120 جهة إقليمية ودولية، ستشارك في مؤتمر المانحين ومن المنتظر طرح عدة مبادرات لخطة الاستجابة الإنسانية للعام 2020 لليمن والتي تبلغ تكلفتها ملياري دولار.
وأضاف في تصريحات سابقة لـ"الشرق الأوسط" أن "بعض الدول أعلنت من الآن مساهمتها ودول أخرى في طريقها للإعلان، نتمنى أن يحقق المؤتمر هدفه لدعم الشعب اليمني في هذه المرحلة المهمة، ومن أهم الدول المشاركة دولة الإمارات، والولايات المتحدة، وبريطانيا، ودول الاتحاد الأوروبي، إلى جانب منظمات الأمم المتحدة".
وعبر الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية الدكتور نايف الحجرف، عن تطلعه بأن يسهم مؤتمر المانحين لليمن 2020، في حشد جهود المانحين الدوليين والوقوف مع اليمن بما يسهم في استعادة أمن واستقرار اليمن، وتوفير الخدمات الأساسية لمواجهة التحديات الاقتصادية والصحية والأمنية الجسيمة .
وأضاف في تصريحات لوكالة "واس" السعودية، أن "تنظيم المملكة للمؤتمر يؤكد دورها الريادي لدعم اليمن ورفع المعاناة الإنسانية عن الشعب اليمني الشقيق وامتدادًا لإسهاماتها السخية في تقديم الدعم الإنساني والتنموي لليمن ، حيث تُعدّ المملكة الدولة المانحة الأولى لليمن تاريخيًا".
وأعلن السفير السعودي لدى اليمن، "محمد سعيد آل جابر"، أن بلاده ستساهم بنصف مليار دولار لتمويل خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن، وقال أواخر مايو/أيار الماضي، على حسابه بتويتر إن "المملكة أكبر المانحين لخطط الاستجابة الإنسانية في اليمن وستساهم بـ 500 مليون دولار".
وتعول الحكومة اليمنية على أهمية عقد مؤتمر المانحين برئاسة السعودية، لتسليط مزيد من الأضواء على الأزمة الإنسانية في البلاد، ومساعدتها في مواجهة الوضع الكارثي، والتصدي لجائحة كورونا.
وقال وزير الصحة العامة والسكان الدكتور ناصر باعوم: إن "اليمن يواجه تحديات صعبة ناتجة عن تدهور الوضع الصحي إثر الحرب التي تسببت بها مليشيا الحوثي الانقلابية، وما ألحقته بالقطاع والمؤسسات الصحية من دمار كبير وضرر شامل".
من جانبه وصف وزير التخطيط والتعاون الدولي الدكتور نجيب العوج، مؤتمر المانحين لليمن بـ"المنعطف المحوري في أهمية تحمل المجتمع الدولي لمسؤوليته"، واضاف العوج وفق وكالة سبأ "إن الدعم الدولي لليمن خلال مؤتمر جنيف للمانحين أسهم في التخفيف من معاناة شريحة واسعة من الشعب اليمني".
بدوره، ثمن نائب رئيس الجمهورية الفريق الركن علي محسن صالح، "دعوة المملكة العربية السعودية الشقيقة ورعايتها وتنظيمها، بالشراكة مع الأمم المتحدة، لمؤتمر المانحين لليمن 2020" معتبراً ذلك، بـ"مثابة لفتة إنسانية كبيرة تعتبر امتداداً لمواقف الأشقاء في المملكة تجاه اليمن الذي يعيش أسوأ أزمة إنسانية على الإطلاق نجمت عن انقلاب ميليشيا الحوثي المدعومة من إيران".
وجدد نائب الرئيس في تصريح نشرته وكالة سبأ عشية انعقاد المؤتمر، دعوة الحكومة اليمنية "للمجتمع الدولي والمانحين ومختلف المنظمات والهيئات إلى المبادرة بشكل فاعل في دعم وتمويل برامج الاستجابة في اليمن والإسهام في تغطية سقف الاحتياجات الحكومية بما يعزز من أدائها ويحقق القدرة على الحد من الأزمة الإنسانية التي قد تتعدى مخاطرها بلادنا، في حال تجاوزت وضعها الحالي، لتشمل بلدان مختلفة".
وتأمل المنظمات الإغاثية والإنسانية العاملة في اليمن، أن تحصل على 2,4 مليار دولار من مؤتمر المانحين في الرياض، وتقول إن هذا المبلغ سيسمح لها بالاستمرار في تقديم الخدمات والبرامج المنقذة للحياة في اليمن والمهدد 30 برنامج من أصل 41 برنامج، بالتوقف بسبب العجز المالية وشحت الإمكانات.
وتقول المنظمات إن المبلغ سيغطي برامج مكافحة جائحة كورونا (كوفيد-19)، مشيرة إلى أن الأرقام التي تعلنها الجهات الصحية في اليمن، لا تعكس العدد الحقيقي لتفشي الفيروس، والذي يتوقع الخبراء أنه أثّر فعلياً على كل مناطق وأنحاء اليمن.
وفي الأشهر القليلة الماضية، حذر المانحون والمنظمات الدولية، من مخاطر استمرار مليشيات الحوثيين في عرقلة وإعاقة وصول المساعدات الإنسانية إلى المحتاجين إليها.
واشتكت وكالات الإغاثة طوال العام الماضي ظروف العمل الآخذة في التدهور ومن عدم صدور تصاريح السفر ومن قيود أخرى على توصيل المعونات، إضافة إلى اتهام الحوثيين بسرقة المساعدات وتحويل مسارها لصالح ميليشياتهم.
وطوال أشهر، طالب الحوثيون بنسبة 2٪ من ميزانية المساعدات بالكامل، الأمر الذي رفضته الأمم المتحدة والجهات المانحة، قبل أن يتراجع عنه الحوثيون لاحقاً.
وهددت وكالات الإغاثة والجهات المانحة الدولية، خلال اجتماع في بروكسل عقد في فبراير/شباط الماضي، بخفض المساعدات إذا واصل الحوثيون فرض قيود على عمليات الأمم المتحدة في اليمن.
وأعلن برنامج الغذاء العالمي، تقليص المساعدات الغذائية التي يقدمها للمحتاجين في مناطق سيطرة الحوثيين، وأعاد ذلك إلى نقص الأموال، لكن مصادر في المنظمة، أشارت في تصريحات متكررة إلى العراقيل التي تلقي بظلالها على جميع الانشطة الإغاثية والإنسانية للمنظمات في اليمن.
وفي بيان مشترك، أكد رؤساء ومدراء تنفيذيون لـ17 منظمة ووكالة دولية، يوم الجمعة 28 مايو/أيار الماضي، رفضهم للقيود المفروضة على العمل الإغاثي شمال اليمن، في إشارة إلى الحوثيين، مشيرين إلى عملها على تجاوز الكثير من التحديات، وقالوا إن هناك "تقدم ملموس أحرز في هذا الاتجاه" مجددين التزام المنظمات التي يقودونها بإيصال "بضمان وصول المساعدة حيثما ينبغي".
ولا تقتصر التحديات على عراقيل الحوثيين، فالأمم المتحدة ومنظماتها تواجه انتقادات في ظل تسريبات وتقارير تتحدث عن عمليات فساد في بعض مكاتب منظماتها العاملة في اليمن، لصالح الحوثيين، كما تتهم بصرف نسبة كبيرة من الأموال في النفقات التشغيلية أو لصالح موظفين غير مؤهلين أو موالين لسلطات الحوثيين.
وفي ظل الأوضاع الراهنة ، فإن مؤتمر المانحين المزمع تنظيمه غدا، يحتاج إلى مشاركة واسعة من الدول الخليجية، وتعهدات وضمانات من الأمم المتحدة تقنع المانحين بقدرة منظماتها على إيصال تلك الأموال لمستحقيها وعدم تسربها لتمويل حروب الحوثيين.
ومن الصعوبات، الخلافات غير الظاهرة بين السعودية والإمارات، حيث كان البلدين أكثر الدول المانحة لليمن في مؤتمر المانحين العام الماضي، حيث قدمتا مليار ونصف المليار من التعهدات.
والخلاف مرتبط بتعثر تنفيذ اتفاق الرياض، في ظل إصرار المجلس الانتقالي والقوات الممولة والمدربة إماراتياً على عرقلة تنفيذ الشق العسكري والأمني منه، واشتراطهم تنفيذ الجانب السياسي من الاتفاق وهو ما ترفضه السعودية والحكومة اليمنية.
وفي مؤتمر المانحين الذي نظمته الأمم المتحدة بجنيف في فبراير/شباط 2019، تمكنت من خلاله جمع تبرعات دولية بنحو 3 مليار دولار، وهو أقل من المبلغ الذي كانت تطالب به المقدر ب 4.2 مليار دولار، لكن الكثير من الدول لم تفي بتعهدات كاملة، وظلت مناشدات الأمم المتحدة تطالبها حتى تحلول نهاية العام بالوفاء بتلك التعهدات.
المصدر أونلاين