متعافون يمنيون من كورونا يروون تجاربهم للعالم.. ويقدمون هذه النصائح الثمينة (شاهد)
nbsp;"لا داعي للخوف والهلع؛ أحذروا من اهتزاز نفسياتكم، واهتموا بالتغذية الجيدة".. تلك خلاصة تجربة الطبيب آدم الجعيدي، الذي تعافى مؤخرا من الإصابة بفيروس كورونا..
منذ تحوله إلى جائحة عالمية مقلقة، ينظر الكثيرون إلى فيروس كورونا المستجد بكثير من الريبة المصحوبة بالهلع والذعر. وفي اليمن، الذي وصله الوباء متأخرا، يتضاعف همّ الناس أكثر من غيرهم، خشية الإصابة بالوباء في ظل شبه إنعدام تام لوسائل المواجهة، والوقاية، والتعافي من المرض..
نوبة هلع وقلق سيطرت على معظم الناس، منذ بدأ الفيروس العالمي بالتفشي تدريجيا في البلاد في أبريل/ نيسان الماضي. ولعل الكثير ممن أصابهم مرض "كوفيد- 19" خاضوا تجارب متشابهة تقريبا من الخوف والهلع، إلا القليل.
وظهرت أول حالة إصابة مؤكدة في تعز مطلع مايو/أيار الماضي لمواطن خمسيني. ومنذ ذلك الحين أنفرط عقد المسبحة، كما يقال، لتتوالى سريعا أعداد الإصابات المعلنة رسميا، والمتوفين على إثرها، لتبلغ مؤخرا 121 إصابة، بينها 29 حالة وفاة، وعشر حالات تعافي- حتى مساء الأربعاء.
وأقرت السلطة المحلية اجراءات عدة لمنع تفشي فيروس كورونا، من بينها إغلاق منافذ المحافظة، وكذا المساجد والحدائق والمتنزهات ومنع التجمعات. لكن تلك الاجراءات لم يتم تطبيقها بشكل كُلي، وتتهم السلطة المحلية بالتقصير والتساهل في عدم تنفيذها.
وتحدث الطبيب الجعيدي لـ"يمن شباب نت"، إلى جانب ثلاثة مصابيّن آخرين في محافظة تعز (جنوبي اليمن)، عن تجاربهم الشخصية مع إصابتهم بالفيروس، وكيف تعاملوا معه، بما في ذلك عزلتهم الذاتية عن المجتمع.
"الجعيدي".. وصفة ناجعة للتعافي
أختير الطبيب آدم الجعيدي، (27 عامًا)، وهو طبيب في المستشفى الجمهوري الحكومي بتعز، للعمل ضمن فرق الاستجابة المعنية بمواجهة كورونا في مدينة تعز، وتلقى تدريبا لدى منظمة الصحة العالمية في العاصمة المؤقتة عدن، ليبدأ العمل- منذ قرابة شهرين- في مركزي العزل الموجودين في المدينة.
وخلال عمله في مركزي العزل، حيث يتطلب منه ذلك مخالطة الحالات المصابة، سكنه فيروس كورونا، دون أن يعلم أين ومتى حدث ذلك؟ كما يقول لـ"يمن شباب نت"، موضحا: "لكوني تعاملت مع العديد من الحالات المؤكدة اصابتها بالوباء، فلا أعلم بالضبط أين أًصبت بالفيروس".
بدأ الطبيب الجعيدي تجربته الشخصية مع المرض في 16 مايو/أيار الماضي، حين داهمته الحُمّى (ارتفاع في درجة الحرارة)، مع ألم في العيون وفقدان لحاسة الشم، لتتضاعف حالته بعد ثلاثة أيام مع ظهور "كحة" شديدة مصاحبة للبلغم..
وعلى إثر ذلك، خضع للحجر الصحي لمدة 14 يومًا، حيث كان يقضي معظم وقته في الحجر "باللعب على التلفون وتصفح الانترنت، وتارات أخرى بالنوم أو وممارسة التمارين الرياضية".
وبحسب تجربته الشخصية للتعافي من فيروس كورونا، ينصح الجعيدي بالاهتمام في "تقوية المناعة الذاتية، والتهوية والتغذية الجيدتين" بإعتبارها أهم الأمور التي ساعدت على تعافية "إلى جانب الأدوية المهدئة للأعراض".
وحيث شدد مجددا على ضرورة "الاهتمام بالصحة، وتقوية المناعة من خلال التغذية الجيدة" التي أعتبرها "أساس العلاج"، لم ينسى أن يقدم نصيحته الثمينة للمصابين بالفيروس "بعدم الهلع والخوف".
حاليا، يشعر الجعيدي "بتحسن رائع" حسب وصفه؛ نظرا لكونه اكتسب مناعة "وإن كانت لفترة بسيطة"، في الوقت الذي يتمنى فيه العودة سريعا إلى عمله "كون مدينة تعز بحاجة الينا، خاصة في هذه الظروف، التي أعتذر فيها الكثير من الأطباء عن العمل في مراكز العزل بسبب الخوف، أو لأسباب أسرية أحيانًا".
الشوافي.. من القلق القاتل إلى الهدوء المنقذ
على نحو أشد، عاش الشاب عبدالرحمن الشوافي، (25 عامًا)، أسوأ ثلاثة أيام في صراع مع "ضيق التنفس"، بعد أن ظهرت عليه أعراض فيروس كورونا أواخر شهر رمضان المنصرم.
في الأيام الأولى من إصابته، شعر الشوافي، الذي يعمل في مجال الإعلام، بالإعياء نتيجة صداع مصحوب بآلام شديدة في المفاصل، وصولا إلى فقدان حاستي الشم والتذوق.
يقول لـ"يمن شباب نت": استمر معي هذا الأمر لأكثر من ست أيام، وظهرت أعراض أخرى مثل حرقة شديدة في العينين مع إحمرار في اللون، وزكام وصداع شديدين، وكُحه وسعال استمرت معي لأيام"،
وأضاف "وبعدها، تقريبا في اليوم الثامن من إصابتي، زادت وتيرة الإعياء، واشتدت عليّ أعراض كورونا، وأصبحت أعاني من ضيق وصعوبة في التنفس، حينها استبد بي القلق، حتى شعرت ذات ليلة بأني على وشك أن أودع الحياة"، يقول الصحفي الشوافي، واصفا ما قال إنها "أسوأ ثلاثة أيام" عاشها مع المرض.
ومع أنه لم يخضع للفحص المخبري، إلا أنه- حسب إفادته- كان على تواصل مع بعض الأطباء من أصدقائه "وشرحت لهم الأعراض، وأكدوا لي أنها كورونا، وقدموا لي النصائح في طريقه التعامل مع الوضع".
أخضع الشوافي نفسه إلى حجر منزلي بأحد فنادق مدينة تعز لمدة 14 يوم، معزولاً عن الآخرين، مؤكدا: "وخلال هذه الفترة، لم التقِ بأحد، وكان هناك صديق يحضر لي احتياجاتي من الادوية والمعقمات والمستلزمات الى جوار الغرفة ثم يذهب".
وتابع: عندما علمت أني مصاب بالفيروس، تعاملت مع الوضع بنوع من الهدوء والوعي، ولجأت الى تعزيز المناعة من خلال بعض الأكلات والفواكه التي تقوي المناعة مثل الليمون والبرتقال وغيرها.
وعن الجانب النفسي وتأثيراته، سلبا أو إيجابا، أوضح: "نحن في بلد ربما يتعرض فيه المصاب بفيروس كورونا للتنمر، وتسوء حالته النفسية، غير أني تغلبت على القلق المصاحب لكورونا بالبعد عن مطالعة أخبار الوفيات واحصائيات كورونا، وانعزالي في غرفة منفردة".
ومما ساهم في تجاوزه الأزمة النفسية، كما يقول، إنه كان يقضي معظم وقته في الحجر المنزلي "بممارسة بعض الهوايات مثل القراءة والتعليم الالكتروني في مجال عملي، وهذا ساهم في تغلبي على الحالة النفسية السلبية التي قد يمر بها المرضى".
ومن خلاصة تجربته هذه، ينصح الشوافي المصابين بفيروس كورونا "بعدم القلق، أو الاستسلام للهلع، والالتزام بإرشادات الأطباء.."، مستدركا: "وبذلك، سيتغلبون على الفيروس، فهو أضعف من غيره".
"العديني"..أقوى من كورونا
ومن ضمن المتعافين من فيروس كورونا في مدينة تعز، الطبيب هاني العديني (29 عامًا)، رئيس قسم العناية المركزة في مركز العزل الصحي بالمستشفى الجمهوري، والذي ظهرت عليه أعراض الإصابة بفيروس كورونا في 16 مايو/ آيار الماضي..
ويسرد العديني تفاصيل تجربته لـ"يمن شباب نت"، حيث بدأت الأعراض التي انتابته "بخمول شديد، وألم في الظهر والمفاصل، تلاها حُمّى لمدة ثلاث أيام، مع استمرار الارهاق والخمول، وبعد ذلك ظهر السعال مع ألم أسفل الضلوع اليسرى السفلية".
بموجب تلك الأعراض أبلغ العديني فرق الاستجابة الطارئة، التي بدورها أجرت له الفحص المطلوب، واثبتت إصابته بفيروس كورونا. لكنه- كما يؤكد- تعامل مع الوضع بشكل طبيعي "ولم تتأثر معنوياتي أبدًا، وكنت واثق أنني أقوى من كورونا".
وفور تأكده من نتائج الفحوصات، يقول العديني: "ألتزمت الحجر الطوعي في غرفه مستقلة، وتناولت طعامي بشكل جيد، وبقيت على تواصل عبر الهاتف مع الزملاء فيما يتعلق باستمرار العمل وبث الروح المعنوية بينهم، كي لا يخافوا أو يتركوا العمل".
أما والديه وزوجته، كما يؤكد، فقد جاءت ردة فعلهم معبرة عن "الخوف"، وهو أمر طبيعي، خصوصا وأن والديْه كانا لا يريدانه العمل في مركز العزل، وحاولا نصحه أكثر من مرة، "لكني رفضت، حيث لا يمكنني أن أترك واجبي، والهدف الذي تعلمت لأجله".
وكان الطبيب العديني، قد ترك أسرته منذ بداية إلتحاقه بالعمل في مراكز العزل بتاريخ 20 أبريل/ نيسان الماضي.
"العقيبي"..التزموا بالإجراءات
أما الشاب يوسف العقيبي، (25 عامًا)، وهو أحد المتعافين من فيروس كورونا، كانت قد ظهرت عليه أعراض المرض لأول مرة في 18 مايو/أيار الفائت، بشكل حُمّى وآلام بالمفاصل، وذلك بعد ثلاثة أيام من مخالطته أحد المصابين.
وفي التفاصيل، يقول العقيبي لـ"يمن شباب نت"، إن شخصًا مقربا من أحد أصدقائه، جاء إلى شقته، وكان يعاني من سعال وكحة شديدة جدًا، تكاد تكون غريبة عن السعال الشائع، مضيفا: "وبعد ثلاثة أيام، بدأت أشعر بصداع مصحوبًا بحمى شديدة وسعال".
ورفض العقيبي إخضاع نفسه لأختبار فحص كورونا، خشية أن تتأكد مخاوفه، ويصاب "بالذعر والقلق". لذلك فضّل التعامل مع الفيروس على أنه "حُمّى عادية"، كما يقول، لأن ثقته بالجهات المعنية "ضعيفة" أصلا..!!
ومع ذلك، أخضع العقيبي نفسه للحجر المنزلي لمدة 14 يومًا، استخدم خلالها أدوية، وتناول الحمضيات حتى بدأت صحته تتحسن. مع انه مع بداية تحسن صحته كان يشعر بإرهاق شديد وغثيان. حسب وصفه.
وها قد مر نحو أسبوع على شفائه، حيث عاد لممارسة حياته بشكل طبيعي، إلا أنه يتجنب الازدحام والاختلاط.
ومن تجربته الشخصية، يوصي العقيبي الناس بضرورة الالتزام بالإجراءات الوقائية، والبقاء في المنزل في حال الإصابة، دون استهتار، أو تساهل..
لا خطورة.. والمشكلة في الامكانيات
ويُطَمئِن رئيس مركز "شفاك" العلاجي، الدكتور عبدالغني المسني، الخائفين والمذعورين من بفيروس كورونا، الذي يؤكد على أنه "ليس بتلك القوة المميتة، ونسبة الشفاء منه كبيرة؛ كما أن معظم الحالات تصاب وتشفى دون علاج".
وأكد لـ"يمن شباب نت" أن خطورة الفيروس تكمن في "انتشاره الواسع والسريع، وأن أكثر ضحاياه من كبار السن، ومن لديه أمراض مزمنة أثرت على مناعته".
وبالنظر إلى أحدث إحصائية لمركز "شفاك"، المخصص لعلاج المصابين بفيروس كورونا، بدعم من مؤسسة الشيخ حمود سعيد المخلافي، نجد أن المركز استقبل حتي مساء الثلاثاء (9 يونيو/حزيران الجاري)، 41 حاله مؤكدة، منها 13 حالة شفاء، و 11 حالة وفاة، بينما لا تزال 17 حالة نشطه، خمسٌ منها حرجه، و12 حالة تتماثل للشفاء.
وأرجع مدير المركز سبب ارتفاع الوفيات إلى أن "أغلب الحالات يتم اسعافها إلينا وهي بحالة متأخرة جدا"، مشيرًا إلى أنه في إحدى المرات "توفت أربع حالات بعد وصولها بساعات".
وأكد المسني على أن الوسائل اللازمة للتعافي من فيروس كورونا في تعز "غير متوفرة".
وأضاف: "معظم المرضى لم يتم تشخيصهم، والكلام بلغة الأرقام في مدينه ليس فيها جهاز صحي، يعد نوع من العبث".