أوضاع اليمنيين المعيشية تزداد تدهورا.. ما وراء تهاوي الريال اليمني (تقرير)
الاثنين 15 يونيو 2020 الساعة 05:01
تعز أونلاين
هد الريال اليمني تراجعا كبيرا أمام العملات الأجنبية خلال الأسابيع الأخيرة، وانخفضت قيمته أمام الدولار الواحد في عدن (جنوب) من 680 إلى 730 ريالا، كما انخفضت قيمته في صنعاء (شمال) أمام الدولار من 580 إلى 610 ريالات، الأمر الذي ضاعف من معاناة المواطنين الاقتصادية وجعلهم يعيشون أزمات مركبة.
وأرجع مسؤول حكومي رفيع في وزارة المالية اليمنية سبب هذا التراجع إلى نفاد الوديعة السعودية (ملياري دولار) التي بدأت الحكومة اليمنية السحب منها في يوليو/تموز 2018.
وبحسب ما أفاد به المسؤول الحكومي للجزيرة نت الذي طلب عدم ذكر اسمه، فإن تبعات أزمة كورونا الحالية وتحكّم المجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم من الإمارات في بعض المؤسسات الإيرادية في عدن، من أكثر العوامل التي جعلت الحكومة عاجزة عن وقف نزيف العملة حديثا.
وفي المقابل حمّل المجلس الانتقالي الجنوبي الحكومة الشرعية مسؤولية هذا الانهيار، وقال منصور صالح نائب رئيس الدائرة الإعلامية للمجلس الانتقالي إن ذلك سببه فساد الشرعية وتدمير مؤسسات البلد وغياب سياستها المالية القادرة على إدارة الشأن الاقتصادي.
وأضاف صالح للجزيرة نت أن "الحكومة الشرعية تقود البلد بطريقة عشوائية ارتجالية ويسيطر عليها لوبي فساد يعبث بالمال العام، إضافة إلى أننا نعيش حالة حرب ممتدة منذ ست سنوات توقفت معها كل مصادر الدخل وانهارت المؤسسات، في ظل سلطة فاسدة وعاجزة".
انعكاسات مباشرة
تحدثت الجزيرة نت مع رئيس مركز الإعلام الاقتصادي مصطفى نصر حول الانعكاسات المباشرة التي شملت المواطنين جراء انخفاض قيمة الريال، فقال إن هذا الأمر أثّر بالفعل على حياتهم من خلال زيادة نسبة التضخم وارتفاع أسعار السلع والخدمات الأساسية (كالدقيق والأرز والسكر) لا سيما وأن اليمن يستورد ما نسبته 90% من احتياجاته من الخارج حيث يجري شراؤها بالعملة الصعبة، وبالتالي فإن التأثير على قيمة الريال اليمني ينعكس على حياة المواطنين المتدهورة في الواقع.
ويعاني اليمن حاليا من أزمة خانقة في العملات الأجنبية خصوصا مع تراجع أكثر من 70% من تحويلات المغتربين إلى البلد التي تعد مصدرا رئيسيا للعملات الصعبة، وتوقف تصدير النفط بسبب تراجع سعره العالمي وبفعل أوضاع الحرب الدائرة باليمن، بالإضافة إلى ذلك إشكالية ضخ الطبعات النقدية الجديدة من العملة لدفع مرتبات الموظفين، الأمر الذي تسبب في زيادة العرض بالسوق المالية، وفقا للخبير الاقتصادي مصطفى نصر.
وفيما يتعلق بنفاد الوديعة السعودية التي لم يجر تجديدها، أكد المتحدث أن اليمن أصبح بحاجة ملحة إلى وديعة جديدة وتمويل حقيقي لإحداث توازن في السوق المالية والمصرفية بعيدا عما تم إعلانه في مؤتمر المانحين الأخير الذي استضافته الرياض قبل أيام ولم يحقق الهدف المطلوب. فالأموال التي أعلن عنها (1.35 مليار دولار) لا تدخل ضمن الدورة المالية للاقتصاد اليمني، وتُنفق خارج اليمن، وهو الأمر الذي ينعكس سلبا على العملات الأجنبية باليمن.
إجراءات حكومية
إزاء هذا الانهيار المتسارع في قيمة العملة الوطنية، أعلنت المصارف اليمنية في المناطق التي تسيطر عليها الحكومة الشرعية تعليق عملياتها مؤقتا، بعد أن اتهمها البنك المركزي اليمني بالقيام بعمليات مضاربة واسعة غير مشروعة.
وأوضح مصدر مسؤول في البنك المركزي اليمني في عدن (جنوب) في اتصال هاتفي مع الجزيرة نت، أنهم يدرسون خيارات عدة لوقف هذا التدهور واتخاذ إجراءات صارمة لوقف التلاعب والمضاربة بأسعار الصرف، وتسيير حملات واسعة لضبط المتلاعبين.
وبخصوص أسباب عدم تجديد الوديعة السعودية، قال الباحث في الشأن الاقتصادي عبد الواحد العوبلي إن ذلك يعود إلى ما تمر به الرياض من ضائقة مالية بسبب أزمة تفشي كورونا والإجراءات التقشفية التي تتبعها.
وأضاف أنه على الرغم من أن الوديعة السعودية خففت من تدهور سعر العملة الوطنية، فإن أثرها كان محدودا خلال الفترات الماضية.
وطبقا لحديث العوبلي للجزيرة نت، فإن تآكل الاحتياطي الأجنبي لم يتسبب فقط في انهيار الريال، بل في ارتفاع موجة التضخم، في وقت لم تعد فيه إيرادات النفط بالأسعار الحالية تغطي حتى تكاليف الاستخراج.
وبحسب المتحدث ذاته، فإن مؤتمر المانحين لليمن الأخير لن يفيد البلد بالأموال المعلنة بسبب رفض المنظمات الأممية توريد المبالغ إلى البنك المركزي اليمني.
واستغرب الباحث الاقتصادي العوبلي إقدام الحكومة اليمنية على الاقتراض عالي الفائدة، رغم أن هناك المليارات من أموال المساعدات التي تديرها المنظمات الأممية وتحتفظ بها خارج اليمن.
وفي الاتجاه ذاته، أفاد مختصون في الشأن الاقتصادي للجزيرة نت بأن هذا التهاوي المتسارع للريال في مناطق الحكومة الشرعية أكثر من المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون، يؤكد أن الشرعية أصبحت لا تكترث لحياة الناس.
وبحسب المختصين فإن مسؤولي الحكومة باتوا يقدمون اليمن للعالم كبلد فقير طلبا للمساعدات، رغم أنه لا يزال لديهم الفرصة لخلط الأوراق وتغيير الواقع على الأرض بدلا من الرضوخ لسياسات الرياض وأبو ظبي والتي تهدف إلى إفقار الدولة اليمنية وتمزيق المجتمع، أو تقديم استقالاتهم بدلا من ترك الناس لمصير مجهول مع أزمات لا حصر لها.
المصدر: الجزيرة
متعلقات