أهل عروس يرفضون شاب يمني بسبب المهر الذي أحضره بالعملة الجديدة.. إليكم القصة
الأحد 5 يوليو 2020 الساعة 04:13
تعز أونلاين- رانيا عبدالله

لم يتصور محمد الشرعبي (28 عاماً) أن تكون العملة اليمنية الجديدة التي يتم تداولها في مناطق سيطرة الحكومة، سبباً في حرمانه من عقد قرانه على الفتاة التي يريد الزواج بها، إذ اشترط والدها أن يكون مهر الزواج بالعملة القديمة، كونه يعيش في إحدى مناطق مديرية شرعب (شمال مدينة تعز) التي تقع تحت سيطرة جماعة الحوثي.
وأصدرت جماعة الحوثي قراراً يمنع تداول العملة الجديدة في المناطق التي تسيطر عليها، بحجة أنها أدت إلى انهيار الريال اليمني مقابل الدولار.
وعقب قرار المنع، استطاع البنك المركزي اليمني في صنعاء، أن يحافظ على سعر الصرف عند حدود 600 ريال يمني للدولار الأمريكي الواحد، قبل أن يزيد صرفه مؤخراً إلى 620 ريالاً.
وتجاوز الدولار الواحد في مناطق سيطرة الحكومة حاجز الـ750 ريالاً يمنياً.
لكن الشرعبي لا علاقة له بكل ذلك، ما يريده باختصار هو الزواج دون غيره، ما جعله يفكر ملياً بكيفية توفير المهر بالعملة القديمة.
ويقول الشرعبي لـ”المشاهد”: “سافرت قبل عامين إلى المملكة العربية السعودية، للبحث عن عمل، بعد أن شردتني الحرب من عملي، وعملت بأحد المطاعم هناك. حاولت توفير مبلغ يؤمن لي مشروعاً صغيراً وتكاليف زواجي أيضاً، فكنت أقوم بإرسال راتبي إلى والدتي شهرياً، حتى أتمكن من جمع مبلغ يفي بمهر عروستي واحتياجاتي الأخرى، لكني تعرقلت في بداية خطواتي لأن ما أمتلكه من مال هو بالعملة اليمنية القديمة”.

“شرط الزواج عملة قديمة”

سافر محمد مع بعض أفراد عائلته، قاطعين مسافة 8 ساعات سفراً عبر طرق وعرة، من مدينة تعز الواقعة تحت سيطرة الحكومة، إلى إحدى مناطق شرعب التابعة إدارياً لمحافظة تعز (جنوبي غرب اليمن)، والواقعة تحت سيطرة جماعة الحوثي، حيث تسكن خطيبته مع عائلتها، ليتم عقد القران، ويُحضّر للزفاف، ولكنه تفاجأ برفض والد خطيبته أن يتم العقد، بحجة أن المهر المقدم بالعملة الجديدة.
ووسط تدخلات من حضر مع الشرعبي، أصر والد خطيبته ألا يتم عقد قرانهما، إلا باستلام المهر كاملاً بفئات العملة القديمة، مما أدى إلى عودة الشاب خائب الرجاء.

الطبعة القديمة للعملة اليمنية فئة الف ريال


بنبرة غضب يقول الشرعبي: “وصل بنا الحال لندفع ثمن الحرب الاقتصادية بين الحكومة والحوثي، من حياتنا الاجتماعية واستقرارنا المعيشي، وأصبحنا نتعامل بعملتين في بلد واحد”.
لم يكن الشرعبي الوحيد الذي عانى من استمرار تطبيق قرار عدم التعامل بالعملة الجديدة، فالشاب وليد علي (35 عاماً) الذي يعمل بإحدى الشركات في مدينة إب (وسط اليمن)، يعاني من شحة فئات العملة القديمة، وعدم توفرها بالشكل الكافي، إذ يقول لـ”المشاهد”: “أستلم راتبي من الشركة بالعملة القديمة عبر الكريمي، بينما أستلم عمولاتي ومكافآتي من الإدارة المالية في الشركة التي أعمل بها بالعملة الجديدة، مما يضاعف من معاناتي في البحث عن العملة القديمة، لأن المؤجر يشترط دفع إيجار البيت بالعملة القديمة، وشراء كثير من الاحتياجات اليومية، فأضطر للتواصل مع بعض الأصدقاء لتصريف مبلغ العملة الجديدة واستبدالها بالقديمة، أو بشراء العملة القديمة بفارق 200 ريال لكل 1000 ريال.

اليمنيون بين عملتين

وبحسب رئيس مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي، مصطفى نصر، فإن استمرار تطبيق قرار منع التداول بالعملة الجديدة، يخلق حالة انفصال كامل في العملة، وسيصبح تدريجياً في مناطق الحوثيين التعامل بالعملة القديمة والتعامل بالعملة الجديدة في مناطق سيطرة الحكومة، وهو ما تم بالفعل حتى الآن.
ويقول نصر: “هذا القرار سيخلق حالة من الانفصال التام في العملتين، بمعنى كأن في البلد عملتين مختلفتين، مما سيخلق الكثير من المعانات الإنسانية”.
ويضيف: “نتج عن قرار منع التداول بالعملة الجديدة، إشكاليات التفاوت بالأسعار بين مناطق سيطرة الحكومة ومناطق سيطرة الحوثي، كما نتج عنه ارتفاع عمولة الحوالات التي فرضتها شركات الصرافة أو شبكات التحويلات المختلفة”.
وعقب قرار منع التداول بالعملة الجديدة في مناطق سيطرة الحوثيين، استقر سعر الصرف عند حدود 600 ريال يمني للدولار الأمريكي، قبل أن يزيد صرفه مؤخراً إلى 620 ريالاً.
وتجاوز الدولار الواحد في مناطق سيطرة الحكومة حاجز الـ750 ريالاً يمنياً.
ووصلت عمولة الحوالات من مناطق سيطرة الحكومة إلى مناطق سيطرة الحوثيين، أكثر من 18% عن أي مبلغ يتم تحويله، ما أدى إلى معاناة كثيرين من ذلك.
وتضطر أم مروان، للبحث عن العملة القديمة في مدينة تعز، لإرسالها عبر أحد سائقي الباصات، لابنتها التي تدرس الطب في إحدى الجامعات بصنعاء، لتوفر عمولة الحوالة التي تخصمها محلات الصرافة.
وبمرارة تقول أن مروان: “أعاني الأمرين لأوفر  المصاريف الشهرية لابنتي بالعملة الجديدة، ومن ثم أعاني مرة أخرى باستبدالها بالعملة القديمة، بالبحث عنها في المحلات التجارية، ولا أحصل عليها إلا بصعوبة، فالكثير أصبح يحتكر العملة القديمة ليتم  يبيعها بفارق سعر”.

نتائج كارثية

ولخص فريق الإصلاحات الاقتصادية – اليمن (ERT)، أن للقرار تبعات إنسانية واقتصادية واجتماعية وسياسية، لذا فإنه لا بد من النأي بالقطاع الاقتصادي عن الصراع من قبل كافة الأطراف، فالدخول في حرب اقتصادية سيكون ضحيتھا المواطن اليمني بالدرجة الأولى، ومعالجة ھذه القرارات تأتي في إطار الحل السياسي الشامل الذي يفترض أن يتجه إليه اليمنيون بأقرب فرصة ممكنة، إذ إن
استمرار الصراع الحاصل في البلد، يقود إلى مزيد من حالة التدھور على كافة المستويات، ولا يوجد طرف كاسب، باستثناء تجار الحروب والمنتفعين منھم.
وشدد فريق الإصلاحات الاقتصادية على ضرورة وجود حل عاجل لتفادي مزيد من الخسائر الأكثر كلفة على المستوى الإنساني والاقتصادي والاجتماعي والسياسي، وما قد يترتب عليه من الدخول نحو مراحل أكثر عمقاً من المجاعة وتفشي الأوبئة القاتلة والكوارث.

المصدر: المشاهد


متعلقات