عابد عمر:
يدفع الأربعيني نعمان العوامي، 4500 ريال يمني أسبوعياً، قيمة فاتورة الكهرباء التجارية، رغم استراتيجية الترشيد التي اتخذها منذ اشتراكه، إذ يشغل شاشة التلفزيون من الكهرباء التجارية فقط، وباقي الأدوات المنزلية الكهربائية يتم تشغيلها من خلال منظومة الطاقة الشمسية.
ويقول العوامي لـ”المشاهد” إنه ذهب لمراجعة مكتب محطة الكهرباء التجارية في المنطقة التي يسكن فيها، ومعرفة ما إذا كان هناك خطأ في قراءة العداد لديه من قبل مندوبها.
لكن مدير المحطة راح يعلل ذلك الارتفاع في الفاتورة بالاستهلاك فحسب.
وأضاف العوامي أن الاستمرار في الاشتراك بالكهرباء التجارية صار أمراً صعب للغاية ومرهقاً مادياً، خصوصاً في ظل الظروف التي تمر بها البلاد من حرب وغياب للجهات الرقابية في الدولة على أصحاب المحطات الكهربائية التي تستغل المواطنين بلا رحمة.
العوامي ليس وحده من يواجه هذه المشكلة، بل ثمة الكثيرون غيره من المشتركين بالكهرباء التجارية الذين باتوا يتذمرون من تكلفة الاستهلاك الكبيرة المحتسبة عليهم في فواتير الكهرباء، منهم مروان عمير الذي اتهم أصحاب محطات الكهرباء التجارية بأنهم يمارسون أساليب الاحتيال على المشتركين من خلال التلاعب بمكونات الأجزاء الداخلية للعدادات الكهربائية، بحيث تسرع قراءة الاستهلاك على المستهلك، موضحاً لـ”المشاهد”، أن هناك تواطؤاً من وزارة الكهرباء والطاقة مع أصحاب المحطات بتركهم يعبثون بالمواطنين كما يشاؤون دون حسيب أو رقيب يوقف هذا الاستهتار والجشع.
المواطن نعمان العوامي : هناك تواطؤاً من وزارة الكهرباء والطاقة مع أصحاب المحطات بتركهم يعبثون بالمواطنين كما يشاؤون دون حسيب أو رقيب يوقف هذا الاستهتار والجشع.
وحمل عمير الجهات المعنية المسؤولية الكاملة لما يتعرض له المواطن من استنزاف مادي من قبل أصحاب المحطات الكهربائية، ابتداء من سعر الكيلو الواحد من الكهرباء والمحدد بـ205 ريالات، ورسوم الاشتراك إلى 300 ريال أسبوعياً، فضلاً عن قراءة العداد المبالغ فيها.
ومنذ أتيح المجال للقطاع الخاص ليحل محل الدولة في توليد الكهرباء، مارس كل وسائل الضغط على المستهلك من حيث الأسعار ورسوم الاشتراك والتأمين وقيمة العدادات الجديدة والتي لم تخضع لأية معايرة أو فحص من قبل الجهات المختصة، بما فيها وزارة الكهرباء والطاقة، لأن الهيئة اليمنية للمواصفات والمقاييس، خلال الأعوام الماضية، لم يكن لديها القدرة على فحص هذه العدادات المخالفة، كونها كانت متوقفة عن العمل طوال 3 سنوات حتى العام 2018م، بحسب ما أوضحلـ”المشاهد” فضل منصور، رئيس الجمعية اليمنية لحماية المستهلك، مضيفاً أن العدادات التي تم تركيبها في المنازل لم تخضع لأية معايرة أو فحص، ويلاحظ عليها السرعة في كميات الاستهلاك. فالشخص الذي يستهلك 10 كيلو واط أو أقل أو أكثر وفقاً لما كان يستخدمه في السابق، يلاحظ أن الفاتورة تصدر بأرقام خيالية وقراءات عالية، مع أنه يستخدم اللمبات الموفرة للطاقة وجميع الأجهزة متوقفة عن العمل بما فيها السخانات والثلاجات، ومع هذا الفواتير والقراءات عالية جداً، وهذا يدل على أن هذه العدادات مخالفة.
وأشار منصور إلى أن الجمعية تلقت العديد من الشكاوى من المستهلكين، تتضمن ارتفاع الأسعار والاشتراك الأسبوعي والشهري، والذي يتجاوز قيمة فاتورة استهلاك، وتواصلت الجمعية مع وزارة الكهرباء، وكان هناك تجاوب من الوزارة، وتم إعادة النظر بالأسعار ورسوم الاشتراك، إلا أن عدم الالتزام من أصحاب المولدات الخاصة، أفقد الجمعية والمستهلك الثقة بهذه الأجهزة التي لم تتمكن من تنفيذ قراراتها ومحاضر اجتماعاتها مع القطاع المنتج للطاقة، ولا نعرف ما هي الأسباب، وبالتالي غلبت مصالح مولدي الكهرباء على مصالح المستهلكين.
وطالب الأجهزة المختصة متمثلة بوزارة الكهرباء والهيئة اليمنية للمواصفات والمقاييس، بالقيام بفحص العدادات التجارية المركبة بالمنازل على حساب أصحاب المولدات، والعدادات التي يثبت غشها ومخالفتها يتم سحبها واتخاذ الإجراءات القانونية تجاه الشركة التي قامت ببيع وتركيب العداد للمستهلك.
ومن حق المستهلكين المطالبة بالتعويض عن الانتهاكات التي تعرضوا لها من قبل مقدمي الخدمة، والقانون رقم 46 لسنة 2008 بشأن حماية المستهلك، كفل للمستهلك التعويض عن الضرر الذي لحق به جراء استهلاك سلعة أو استخدام خدمة من مقدم هذه الخدمة، ولهم الحق برفع الدعاوى مباشرة لدى المحاكم أو توكيل الجمعية للتقاضي نيابة عنهم، بحسب منصور.
تدخل العدادات الكهربائية التجارية إلى اليمن بطرق غير رسمية، حيث يتم استيرادها عبر تجار، ولا تخضع للفحوصات من قبل معامل العدادات المركزية للمؤسسة العامة للكهرباء، لأنها غير مخولة بذلك، كما يقول لـ”المشاهد” محمد البحيري، مدير عام التفتيش الفني بوزارة الكهرباء والطاقة بصنعاء، مضيفاً أن وزارة الكهرباء والطاقة وقعت مؤخراً محاضر اتفاق مع الهيئة اليمنية للمواصفات والمقاييس، بخصوص تنظيم دخول تلك العدادات للبلد بطرق رسمية، وكذا تشكيل لجان فنية تقوم بالنزول الميداني للتفتيش على العدادات التجارية في العاصمة صنعاء.
وعند الكشف الأولي على عينات من العدادات الكهربائية التجارية، والتي تتعدد أصنافها إلى 12 صنفاً، وصناعتها صينية، وذلك للتأكد من سلامتها، ثبت أن الكثير منها مغشوشة وغير مطابقة للمواصفات، حيث إنها تبالغ في احتساب استهلاك المشتركين، كما أوضح البحيري.
ويؤكد إبراهيم المؤيد، رئيس الهيئة اليمنية للمواصفات والمقاييس بصنعاء الواقعة تحت سيطرة جماعة الحوثي، أنه تم ضبط 2000 عداد كهربائي تجاري مغشوش في صنعاء، تعطي قراءات مبالغة، محذراً المواطنين من أخذ مثل هذه العدادات دون التحري عن وجود علامة ختم الهيئة عليها.
ولم يكن يوجد في السابق قاعدة بيانات للمنتجات المستوردة والمحلية، أما الآن فقد صار لدى الهيئة نظام إلكتروني لجميع البيانات، ويطبق في جميع المنافذ اليمنية، كما يقول المؤيد لـ”المشاهد”.
وبحسب تأكيدات البحيري والمؤيد، فإن تم إلزام أصحاب المحطات الكهربائية بإزالة العدادات المغشوشة لدى المشتركين، بيد أن “المشاهد” من خلال محرره، قام بالنزول الميداني لبعض الأحياء السكنية بأمانة العاصمة، للتحقق من ذلك، حيث اتضح أنه لم يتم من الأمر شيء، ولاتزال العدادات كما هي منصوبة على المنازل تحسب استهلاك المواطنين بغش مبالغ فيه.