انضم الكاتب الصحفي غمدان الدقيمي إلى فريق موقع "ارفع صوتك" في عام 2015.
أثبت سريعا قدرته وتمكنه من عمله، وترك ذكريات له مع زملائه في فريق التحرير.
كان غمدان مخلصا في عمله، دؤوبا على الكتابة ودائما يبذل قصارى جهده ليبرز ما يكتبه ويتفاعل مع متابعينا.
في عام 2015، كنت بصدد كتابة موضوع عن اليمن وكان هو من ضمن المتحدثين.
لفتتني سرعة بديهته وإلمامه بالتفاصيل والكثير من المعلومات التي سردها بدقة وسرعة، وفكرت في سري "هذا الرجل موسوعة".
أنضم بعدها إلى فريق عملنا ومررنا معا بتجارب كثيرة.
ما أذكره هو أنّ غمدان كان يخوض نقاشات كثيرة معي حول ما يكتبه أو حول تعديلات نطلبها منه نحن كفريق تحرير.
أحيانا كان يستاء، وعبر الهاتف كان يقول لي دائما "يا أستاذة جنى" حتى تشتد انفعالاته ويقول بعدها "شوفي يا جنى".
وكنت أضحك حين أراه هكذا لامتصاص انفعالاته، ونعود في اليوم التالي بمهنية تامة إلى نقاشات جديدة.
قرّبنا غمدان من اليمن ومن جرح بلاده.
ومنذ صباح الإثنين 13 تموز/ يوليو، وقت تلقي خبر وفاته وأنا أفكر بعائلته وظروفها المعيشية وبأنّ الموت على قدر ما هو "حق" هو أيضاً صعب جدا حين يأتي فجأة هكذا بلا نذير.
وهو أصعب حين يحصد حياة معيل أسرة في بلد ممزق ومثقل بالتعب.
"شوف يا غمدان"، هذه الحياة صعبة والموت أصعب أحيانا، لكننا سنشتاق إليك وسنحاول أن نبقي ذكراك في قلوبنا.
رحمك الله وأسكنك فسيح جناته.
عرفت غمدان الدقيمي محبا لعمله، بقدر حبه لبلده الفقير.
سخر قلمه للكتابة عن آلام اليمنيين في ظل الصراع الذي تشهده مدن اليمن المنقسمة شمالا وجنوبا على أكثر من مرجعية سياسية وقوة دولية وإقليمية.
في كل حوار يدور بيننا بشان المقالات التي يقترح الكتابة عنها يجتهد بالدفاع عن محتواها.
يتحدث بلهجة لا تخلو من الحرقة ألما على بلده.
كتب عشرات المقالات بلغته العربية التي تميز بإتقان مفرداتها وقواعدها.
ووصف بلغة تجمع السياسة والأدب ما تشهده شوارع اليمن من أزمات.
هذا على مستوى العمل، اما على الصعيد الشخصي، فقد كان الدقيمي حالما وديعا مؤدبا وأديبا في الحوار.
كان حليما هادئا مستمعا ومستقبلا لكل الآراء والملاحظات.
لم أعرف لليوم طائفته أو دينه أو حتى الجهة الأقرب إلى ميوله الداخلية.
كان يقف عن الجميع مسافة واحدة، الأقرب إليه فيها بلده اليمن.
يتمنى بعد كل مقال يرسله ويراه منشورا عن صفحة موقع (ارفع صوتك)، أن يكون الأخير عن معاناة اليمن، ويأمل ويتمنى أن يتناول مقاله اللاحق حل للأزمة التي تعصف ببلاده.
كانت جملته الأكثر ترديدا "بلدي التي تشهد أسوء أزمة إنسانية".
وكثيرا ما تحدث عن تضرر القطاع الصحي في اليمن بسبب الصراع، ليذهب أخيرا ضحية ذلك التردي، بعد وفاته بسبب مرض ألمّ به منذ أيام.
بعث لي مقاله الأخير صباح الإثنين 13 تموز/ يوليو، تحدث فيه عن تهديد وباء كورونا للمتواجدين في السجون اليمينة، وبعد نشر المقال ونيتي إخباره بالنشر تلقيت خبر وفاته.
كان ينتظر النشر ليتابع التفاعل معه، ويهتم كثيرا ويرسل الملاحظات بهذا الشأن، لكن هذه المرة نشر المقال دون أن يراه غمدان.
المقال الأخير للزميل الراحل غمدان الدقيمي: